Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 155-157)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اعلم أن قوله : { وَهَـٰذَا كِتَـٰبٌ } لا شك أن المراد هو القرآن وفائدة وصفه بأنه مبارك أنه ثابت لا يتطرق إليه النسخ كما في الكتابين ، أو المراد أنه كثير الخير والنفع . ثم قال : { فَٱتَّبِعُوهُ } والمراد ظاهر . ثم قال : { وَٱتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } أي لكي ترحموا . وفيه ثلاثة أقوال : قيل اتقوا مخالفته على رجاء الرحمة ، وقيل : اتقوا لترحموا ، أي ليكون الغرض بالتقوى رحمة الله ، وقيل : اتقوا لترحموا جزاء على التقوى . ثم قال تعالى : { أَن تَقُولُواْ إِنَّمَا أُنزِلَ ٱلْكِتَـٰبُ عَلَىٰ طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا } وفيه وجوه : الوجه الأول : قال الكسائي والفراء ، والتقدير : أنزلناه لئلا تقولوا ، ثم حذف الجار وحرف النفي ، كقوله : { يُبَيّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ } [ النساء : 176 ] وقوله : { رَوَاسِىَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ } [ النحل : 15 ] أي لئلا . والوجه الثاني : وهو قول البصريين معناه : أنزلناه كراهة أن تقولوا ولا يجيزون إضمار « لا » فإنه لا يجوز أن يقال : جئت أن أكرمك بمعنى : أن لا أكرمك ، وقد ذكرنا تحقيق هذه المسألة في آخر سورة النساء . والوجه الثالث : قال الفراء : يجوز أن يكون « أن » متعلقة باتقوا ، والتأويل : واتقوا أن تقولوا إنما أنزل الكتاب . البحث الثاني : قوله : { أَن تَقُولُواْ } خطاب لأهل مكة ، والمعنى : كراهة أن يقول أهل مكة أنزل الكتاب ، وهو التوراة والإنجيل على طائفتين من قبلنا ، وهم اليهود والنصارى ، وإن كنا « إن » هي المحففة من الثقيلة ، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية ، والأصل وأنه كنا عن دراستهم لغافلين ، والمراد بهذه الآيات إثبات الحجة عليهم بإنزال القرآن على محمد كي لا يقولوا يوم القيامة إن التوراة والإنجيل أنزلا على طائفتين من قبلنا وكنا غافلين عما فيهما ، فقطع الله عذرهم بإنزال القرآن عليهم وقوله : { وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَـٰفِلِينَ } أي لا نعلم ما هي ، لأن كتابهم ما كان بلغتنا ، ومعنى أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم ، مفسر للأول في أن معناه لئلا يقولوا ويحتجوا بذلك ، ثم بين تعالى قطع احتجاجهم بهذا ، وقال : { فَقَدْ جَآءَكُمْ بَيّنَةٌ مّن رَّبّكُمْ } وهو القرآن وما جاء به الرسول { وَهُدًى وَرَحْمَةٌ } . فإن قيل : البينة والهدى واحد ، فما الفائدة في التكرير ؟ قلنا : القرآن بينة فيما يعلم سمعاً وهو هدى فيما يعلم سمعاً وعقلاً ، فلما اختلفت الفائدة صح هذا العطف ، وقد بينا أن معنى { رَحْمَةً } أي أنه نعمة في الدين . ثم قال تعالى : { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ } والمراد تعظيم كفر من كذب بآيات الله ، وصدف عنها ، أي منع عنها ، لأن الأول ضلال ، والثاني منع عن الحق وإضلال . ثم قال تعالى : { سَنَجْزِى ٱلَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَـٰتِنَا سُوء ٱلْعَذَابِ } وهو كقوله : { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ زِدْنَـٰهُمْ عَذَابًا فَوْقَ ٱلْعَذَابِ } [ النحل : 88 ] .