Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 26-26)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

في الآية مسائل : المسألة الأولى : اعلم أنه تعالى لما بيّن أنهم طعنوا في كون القرآن معجزاً بأن قالوا : إنه من جنس أساطير الأولين وأقاصيص الأقدمين بين في هذه الآية أنهم ينهون عنه وينأون عنه ، وقد سبق ذكر القرآن وذكر محمد عليه السلام ، فالضمير في قوله { عَنْهُ } محتمل أن يكون عائداً إلى القرآن وأن يكون عائداً إلى محمد عليه الصلاة والسلام ، فلهذا السبب اختلف المفسرون فقال بعضهم : { وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ } أي عن القرآن وتدبره والاستماع له . وقال آخرون : بل المراد ينهون عن الرسول . واعلم أن النهي عن الرسول عليه السلام محال بل لا بدّ وأن يكون المراد النهي عن فعل يتعلق به عليه الصلاة والسلام ، وهو غير مذكور فلا جرم حصل فيه قولان : منهم من قال المراد أنهم ينهون عن التصديق بنبوّته والإقرار برسالته . وقال عطاء ومقاتل : نزلت في أبي طالب كان ينهى قريشاً عن إيذاء النبي عليه الصلاة والسلام ، ثم يتباعد عنه ولا يتبعه على دينه . والقول الأول : أشبه لوجهين : الأول : أن جميع الآيات المتقدمة على هذه الآية تقتضي ذم طريقتهم ، فكذلك قوله { وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ } ينبغي أن يكون محمولاً على أمر مذموم ، فلو حملناه على أن أبا طالب كان ينى عن إيذائه ، لما حصل هذا النظم . والثاني : أنه تعالى قال بعد ذلك { وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ } يعني به ما تقدم ذكره . ولا يليق ذلك بأن يكون المراد من قوله { وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ } النهي عن أذيته ، لأن ذلك حسن لا يوجب الهلاك . فإن قيل : إن قوله { وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ } يرجع إلى قوله { وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ } لا إلى قوله { يَنْهَوْنَ عَنْهُ } لأن المراد بذلك أنهم يبعدون عنه بمفارقة دينه ، وترك الموافقة له وذلك ذم فلا يصح ما رجحتم به هذا القول . قلنا : إن ظاهر قوله { وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ } يرجع إلى كل ما تقدم ذكره لأنه بمنزلة أن يقال : إن فلاناً يبعد عن الشيء الفلاني وينفر عنه ولا يضر بذلك إلا نفسه ، فلا يكون هذا الضرر متعلقاً بأحد الأمرين دون الآخر . المسألة الثانية : اعلم أن أولئك الكفار كانوا يعاملون رسول الله صلى الله عليه وسلم بنوعين من القبيح . الأول : إنهم كانوا ينهون الناس عن قبول دينه والاقرار بنبوته . والثاني : كانوا ينأون عنه ، والنأي البعد يقال : نأى ينأى إذا بعد . ثم قال : { وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ } قال ابن عباس ، أي وما يهلكون إلا أنفسهم بسبب تماديهم في الكفر وغلوهم فيه وما يشعرون أنهم يهلكون أنفسهم ويذهبونها إلى النار بما يرتكبون من الكفر والمعصية ، والله أعلم .