Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 134-135)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اعلم أنا ذكرنا معنى الرجز عند قوله : { فَأَنزَلْنَا عَلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزًا مّنَ ٱلسَّمَاء } [ البقرة : 59 ] في سورة البقرة وهو اسم للعذاب ، ثم إنهم اختلفوا في المراد بهذا الرجز فقال بعضهم : إنه عبارة عن الأنواع الخمسة المذكورة من العذاب الذي كان نازلاً بهم . وقال سعيد بن جبير { ٱلرّجْزَ } معناه : الطاعون وهو العذاب الذي أصابهم فمات به من القبط سبعون ألف إنسان في يوم واحد ، فتركوا غير مدفونين ، واعلم أن القول الأول أقوى لأن لفظ { ٱلرّجْزَ } لفظ مفرد محلي بالألف واللام فينصرف إلى المعهود السابق ، وههنا المعهود السابق هو الأنواع الخمسة التي تقدم ذكرها ، وأما غيرها فمشكوك فيه ، فحمل اللفظ على المعلوم أولى من حمله على المشكوك فيه . إذا عرفت هذا فنقول : إنه تعالى بين ما كانوا عليه من المناقضة القبيحة ، لأنهم تارة يكذبون موسى عليه السلام ، وأخرى عند الشدائد يفزعون إليه نزع الأمة إلى نبيها ويسألونه أن يسأل ربه رفع ذلك العذاب عنهم ، وذلك يقتضي أنهم سلموا إليه كونه نبياً مجاب الدعوة ، ثم بعد زوال تلك الشدائد يعودون إلى تكذيبه والطعن فيه ، وأنه إنما يصل إلى مطالبة بسحره ، فمن هذا الوجه يظهر أنهم يناقضون أنفسهم في هذه الأقاويل . وأما قوله تعالى حكاية عنهم : { ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ } فقال صاحب « الكشاف » : ما في قوله : { بِمَا عَهِدَ عِندَكَ } مصدرية والمعنى : بعهده عندك وهو النبوة ، وفي هذه الباء وجهان : الوجه الأول : أنها متعلقة بقوله : { ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ } والتقدير { ٱدْعُ لَنَا } متوسلاً إليه بعهده عندك . والوجه الثاني : في هذه الباء أن تكون قسماً وجوابها قوله : { لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ } أي أقسمنا بعهد الله عندك { لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا ٱلرّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ } وقوله : { وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِى إِسْرٰءيلَ } كانوا قد أخذوا بني إسرائيل بالكد الشديد فوعدوا موسى عليه السلام على دعائه بكشف العذاب عنهم الإيمان به والتخلية عن بني إسرائيل وإرسالهم معه يذهب بهم أين شاء . وقوله : { فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ ٱلرّجْزَ إِلَىٰ أَجَلٍ هُم بَـٰلِغُوهُ } المعنى أنا ما أزلنا عنهم العذاب مطلقاً ، وما كشفنا عنهم الرجز في جميع الوقائع ، بل إنما أزلنا عنهم العذاب إلى أجل معين ، وعند ذلك الأجل لا نزيل عنهم العذاب بل نهلكهم به وقوله : { إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ } هو جواب لما يعني فلما كشفنا عنهم فاجؤا النكث وبادروه ولم يؤخروه كما كشفنا عنهم نكثوا .