Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 71, Ayat: 10-10)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال مقاتل : إن قوم نوح لما كذبوه زماناً طويلاً حبس الله عنهم المطر ، وأعقم أرحام نسائهم أربعين سنة ، فرجعوا فيه إلى نوح ، فقال نوح : استغفروا ربكم من الشرك حتى يفتح عليكم أبواب نعمه . واعلم أن الاشتغال بالطاعة سبب لانفتاح أبواب الخيرات ، ويدل عليه وجوه أحدها : أن الكفر سبب لخراب العالم على ما قال في كفر النصارى : { تَكَادُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ ٱلأَرْضُ وَتَخِرُّ ٱلْجِبَالُ هَدّاً * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَداً } [ مريم : 90 ، 91 ] فلما كان الكفر سبباً لخراب العالم ، وجب أن يكون الإيمان سبباً لعمارة العالم وثانيها : الآيات منها هذه الآية ومنها قوله : { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ ءامَنُواْ وَٱتَّقَوْاْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَـٰتٍ } [ الأعراف : 96 ] { وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِمْ مّن رَّبّهِمْ لاَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ } [ المائدة : 66 ] { وَأَلَّوِ ٱسْتَقَـٰمُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَـٰهُم مَّاء غَدَقاً } [ الجن : 16 ] { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ } [ الطلاق : 2 3 ] { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلوٰةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ } [ طه : 132 ] وثالثها : أنه تعالى قال : { وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } [ الذاريات : 56 ] فإذا اشتغلوا بتحصيل المقصود حصل ما يحتاج إليه في الدنيا على سبيل التبعية ورابعها : أن عمر خرج يستسقي فما زاد على الاستغفار ، فقيل له : ما رأيناك استسقيت ، فقال : لقد استسقيت بمجاديح السماء . المجدح ثلاثة كواكب مخصوصة ، ونوءه يكون عزيزاً شبه عمر الاستغفار بالأنواء الصادقة التي لا تخطىء ، وعن بكر بن عبدالله : أن أكثر الناس ذنوباً أقلهم استغفاراً ، وأكثرهم استغفاراً أقلهم ذنوباً ، وعن الحسن : أن رجلاً شكا إليه الجدب ، فقال : استغفر الله ، وشكا إليه آخر الفقر ، وآخر قلة النسل ، وآخر قلة ريع أرضه ، فأمرهم كلهم بالاستغفار ، فقال له بعض القوم : أتاك رجال يشكون إليك أنواعاً من الحاجة ، فأمرتهم كلهم بالاستغفار ، فتلا له الآية ، وههنا سؤالات : الأول : أن نوحاً عليه السلام أمر الكفار قبل هذه الآية بالعبادة والتقوى والطاعة ، فأي فائدة في أن أمرهم بعد ذلك بالاستغفار ؟ الجواب : أنه لما أمرهم بالعبادة قالوا له : إن كان الدين القديم الذي كنا عليه حقاً فلم تأمرنا بتركه ، وإن كان باطلاً فكيف يقبلنا بعد أن عصيناه ، فقال نوح عليه السلام : إنكم وإن كنتم عصيتموه ولكن استغفروه من تلك الذنوب ، فإنه سبحانه كان غفاراً . السؤال الثاني : لم قال : { إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً } ولم يقل : إنه غفار ؟ قلنا المراد : إنه كان غفاراً في حق كل من استغفروه كأنه يقول : لا تظنوا أن غفاريته إنما حدثت الآن ، بل هو أبداً هكذا كان ، فكأن هذا هو حرفته وصنعته .