Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 71, Ayat: 14-14)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
في موضع الحال كأنه قال : مالكم لا تؤمنون بالله ، والحال هذه وهي حال موجبة للإيمان به { وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً } أي تارات خلقكم أولاً تراباً ، ثم خلقكم نطفاً ، ثم خلقكم علقاً ، ثم خلقكم مضغاً ، ثم خلقكم عظاماً ولحماً ، ثم أنشأكم خلقاً آخر ، وعندي فيه وجه ثالث : وهو أن القوم كانوا يبالغون في الاستخفاف بنوح عليه السلام فأمرهم الله تعالى بتوقيره وترك الاستخفاف به ، فكأنه قال لهم : إنكم إذا وقرتم نوحاً وتركتم الاستخفاف به كان ذلك لأجل الله ، فما لكم لا ترجون وقاراً وتأتون به لأجل الله ولأجل أمره وطاعته ، فإن كل ما يأتي به الإنسان لأجل الله ، فإنه لا بد وأن يرجوا منه خيراً ووجه رابع : وهو أن الوقار وهو الثبات من وقر إذا ثبت واستقر ، فكأنه قال : { مَالَكُمْ } وعند هذا تم الكلام ، ثم قال على سبيل الاستفهام بمعنى الإنكار { لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً } [ الجن : 13 ] أي لا ترجون لله ثباتاً وبقاء ، فإنكم لو رجوتم ثباته وبقاءه لخفتموه ، ولما أقدمتم على الاستخفاف برسله وأوامره ، والمراد من قوله : { تَرْجُونَ } أي تعتقدون لأن الراجي للشيء معتقد له . واعلم أنه لما أمر في هذه الآية بتعظيم الله استدل على التوحيد بوجوه من الدلائل : الأول : قوله : { وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً } وفيه وجهان : الأول : قال الليث : الطورة التارة يعني حالاً بعد حال كما ذكرنا أنه كان نطفة ، ثم علقة إلى آخر التارات الثاني : قال ابن الأنباري : الطور الحال ، والمعنى خلقكم أصنافاً مختلفين لا يشبه بعضكم بعضاً ، ولما ذكر هذا الدليل من الأنفس على التوحيد ، أتبعه بذكر دليل التوحيد من الآفاق على العادة المعهودة في كل القرآن … الدليل الثاني : على التوحيد قوله تعالى :