Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 73, Ayat: 15-16)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

واعلم أن الخطاب لأهل مكة والمقصود تهديدهم بالأخذ الوبيل ، وههنا سؤالات : السؤال الأول : لم نكر الرسول ثم عرف ؟ الجواب : التقدير أرسلنا إلى فرعون رسولاً فعصاه فأخذناه أخذاً وبيلاً ، فأرسلنا إليكم أيضاً رسولاً فعصيتم ذلك الرسول ، فلا بد وأن نأخذكم أخذاً وبيلا . السؤال الثاني : هل يمكن التمسك بهذه الآية في إثبات أن القياس حجة ؟ والجواب : نعم لأن الكلام إنما ينتظم لو قسنا إحدى الصورتين على الأخرى ، فإن قيل : هب أن القياس في هذه الصورة حجة ، فلم قلتم : إنه في سائر الصور حجة ، وحينئذ يحتاج إلى قياس سائر القياسات على هذا القياس ، فيكون ذلك إثباتاً للقياس بالقياس ، وإنه غير جائز ؟ قلنا : لا نثبت سائر القياسات بالقياس على هذه الصورة ، وإلا لزم المحذور الذي ذكرتم ، بل وجه التمسك هو أن نقول : لولا أنه تمهد عندهم أن الشيئين اللذين يشتركان في مناط الحكم ظناً يجب اشتراكهما في الحكم ، وإلا لما أورد هذا الكلام في هذه الصورة ، وذلك لأن احتمال الفرق المرجوح قائم ههنا فإن لقائل أن يقول : لعلهم إنما استوجبوا الأخذ الوبيل بخصوصية حالة العصيان في تلك الصورة وتلك الخصوصية غير موجودة ههنا ، فلا يلزم حصول الأخذ الوبيل ههنا ، ثم إنه تعالى مع قيام هذا الاحتمال جزم بالتسوية في الحكم فهذا الجزم لا بد وأن يقال : إنه كان مسبوقاً بتقرير أنه متى وقع الاشتراك في المناط الظاهر وجب الجزم بالاشتراك في الحكم ، وإن مجرد احتمال الفرق بالأشياء التي لا يعلم كونها مناسبة للحكم لا يكون قادحاً في تلك التسوية ، فلا معنى لقولنا القياس حجة إلا هذا . السؤال الثالث : لم ذكر في هذا الموضع قصة موسى وفرعون على التعيين دون سائر الرسل والأمم ؟ الجواب : لأن أهل مكة ازدروا محمداً عليه الصلاة والسلام ، واستخفوا به لأنه ولد فيهم ، كما أن فرعون ازدرى موسى لأنه رباه وولد فيما بينهم وهو قوله : { أَلَمْ نُرَبّكَ فِينَا وَلِيداً } [ الشعراء : 18 ] . السؤال الرابع : ما معنى كون الرسول شاهداً عليهم ؟ الجواب : من وجهين الأول : أنه شاهد عليهم يوم القيامة بكفرهم وتكذيبهم الثاني : المراد كونه مبيناً للحق في الدنيا ، ومبيناً لبطلان ما هم عليه من الكفر ، لأن الشاهد بشهادته يبين الحق ، ولذلك وصفت بأنها بينة ، فلا يمتنع أن يوصف عليه الصلاة والسلام بذلك من حيث إنه بين الحق ، وهذا بعيد لأن الله تعالى قال : { وَكَذٰلِكَ جَعَلْنَـٰكُمْ أُمَّةً وَسَطًا } أي عدولاً خياراً { لّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } [ البقرة : 143 ] فبين أنه يكون شاهداً عليهم في المستقبل ، ولأن حمله على الشهادة في الآخرة حقيقة ، وحمله على البيان مجاز والحقيقة أولى . السؤال الخامس : ما معنى الوبيل ؟ الجواب : فيه وجهان الأول : الوبيل : الثقيل الغليظ ومنه قولهم : صار هذا وبالاً عليهم ، أي أفضى به إلى غاية المكروه ، ومن هذا قيل للمطر العظيم : وابل ، والوبيل : العصا الضخمة الثاني : قال أبو زيد : الوبيل الذي لا يستمرأ ، وماء وبيل وخيم إذا كان غير مريء وكلأ مستوبل ، إذا أدت عاقبته إلى مكروه ، إذا عرفت هذا فنقول قوله : { فَأَخَذْنَـٰهُ أَخْذاً وَبِيلاً } يعني الغرق ، قاله الكلبي ومقاتل وقتادة . ثم إنه تعالى عاد إلى تخويفهم بالقيامة مرة أخرى