Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 76, Ayat: 25-26)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وفي هذه الآية قولان : الأول : أن المراد هو الصلاة قالوا : لأن التقييد بالبكرة والأصيل يدل على أن المراد من قوله : { وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبّكَ } الصلوات . ثم قالوا : البكرة هي صلاة الصبح والأصيل صلاة الظهر والعصر { وَمِنَ ٱلَّيْلِ فَٱسْجُدْ لَهُ } المغرب والعشاء ، فتكون هذه الكلمات جامعة الصلوات الخمس وقوله : { وَسَبّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً } المراد منه التهجد ، ثم اختلفوا فيه فقال بعضهم : كان ذلك من الواجبات على الرسول عليه السلام ، ثم نسخ كما ذكرنا في سورة المزمل واحتجوا عليه بأن قوله : { فَٱسْجُدْ لَهُ وَسَبّحْهُ } أمر وهو للوجوب لا سيما إذا تكرر على سبيل المبالغة ، وقال آخرون : بل المراد التطوع وحكمه ثابت . القول الثاني : أن المراد من قوله : { وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبّكَ } إلى آخر الآية ليس هو الصلاة بل المراد التسبيح الذي هو القول والاعتقاد ، والمقصود أن يكون ذاكراً لله في جميع الأوقات ليلاً ونهاراً بقلبه ولسانه ، وهو المراد من قوله : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } [ الأحزاب : 41 ] . واعلم أن في الآية لطيفة أخرى وهي أنه تعالى قال : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْءانَ تَنزِيلاً } [ الإنسان : 23 ] أي هديناك إلى هذه الأسرار ، وشرحنا صدرك بهذه الأنوار ، وإذ قد فعلنا بك ذلك فكن منقاداً مطيعاً لأمرنا ، وإياك وأن تكون منقاداً مطيعاً لغيرنا ، ثم لما أمره بطاعته ، ونهاه عن طاعة غيره قال : { وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبّكَ } وهذا إشارة إلى أن العقول البشرية ليس عندها إلا معرفة الأسماء والصفات ، أما معرفة الحقيقة فلا ، فتارة يقال له : { وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبّكَ } وهو إشارة إلى معرفة الأسماء ، وتارة يقال له : { وَٱذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ } [ الأعراف : 205 ] وهو إشارة إلى مقام الصفات ، وأما معرفة الحقيقة المخصوصة التي هي المستلزمة لسائر اللوازم السلبية والإضافية ، فلا سبيل لشيء من الممكنات والمحدثات ، إلى الوصول إليها والاطلاع عليها ، فسبحان من اختفى عن العقول لشدة ظهوره واحتجب عنها بكمال نوره . واعلم أنه تعالى لما خاطب رسوله بالتعظيم والنهي والأمر عدل إلى شرح أحوال الكفار والمتمردين ، فقال تعالى :