Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 78, Ayat: 30-30)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

واعلم أنه تعالى لما شرح أحوال العقاب أولاً ، ثم ادعى كونه { جَزَاءً وِفَـٰقاً } [ النبأ : 26 ] ثم بين تفاصيل أفعالهم القبيحة ، وظهر صحة ما ادعاه أولاً من أن ذلك العقاب كان { جَزَاءً وِفَـٰقاً } لا جرم أعاد ذكر العقاب ، وقوله : { فَذُوقُواْ } والفاء للجزاء ، فنبه على أن الأمر بالذوق معلل بما تقدم شرحه من قبائح أفعالهم ، فهذا الفاء أفاد عين فائدة قوله : { جَزَاءً وِفَـٰقاً } . المسألة الرابعة : هذه الآية دالة على المبالغة في التعذيب من وجوه : أحدها : قوله : { فَلَن نَّزِيدَكُمْ } وكلمة لن للتأكيد في النفي وثانيها : أنه في قوله : { كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً } [ النبأ : 27 ] ذكرهم بالمغايبة وفي قوله : { فَذُوقُواْ } ذكرهم على سبيل المشافهة وهذا يدل على كمال الغضب وثالثها : أنه تعالى عدد وجوه العقاب ثم حكم بأنه جزاء موافق لأعمالهم ثم عدد فضائحهم ، ثم قال : { فَذُوقُواْ } فكأنه تعالى أفتى وأقام الدلائل ، ثم أعاد تلك الفتوى بعينها ، وذلك يدل على المبالغة في التعذيب قال عليه الصلاة والسلام : " " هذه الآية أشد ما في القرآن على أهل النار ، كلما استغاثوا من نوع من العذاب أغيثوا بأشد منه " " بقي في الآية سؤالان : السؤال الأول : أليس أنه تعالى قال في صفة الكفار : { وَلاَ يُكَلّمُهُمُ ٱللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ } [ آل عمران : 77 ] فهنا لما قال لهم : { فَذُوقُواْ } فقد كلمهم ؟ الجواب : قال أكثر المفسرين : تقدير الآية فيقال لهم : فذوقوا ، ولقائل أن يقول على هذا الوجه لا يليق بذلك القائل أن يقول : { فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً } بل هذا الكلام لا يليق إلا بالله ، والأقرب في الجواب أن يقال قوله : { وَلاَ يُكَلّمُهُمُ } أي ولا يكلمهم بالكلام الطيب النافع ، فإن تخصيص العموم غير بعيد لاسيما عند حصول القرينة ، فإن قوله : { وَلاَ يُكَلّمُهُمُ } إنما ذكره لبيان أنه تعالى لا ينفعهم ولا يقيم لهم وزناً ، وذلك لا يحصل إلا من الكلام الطيب . السؤال الثاني : دلت هذه الآية على أنه تعالى يزيد في عذاب الكافر أبداً ، فتلك الزيادة إما أن يقال : إنها كانت مستحقة لهم أو غير مستحقة ، فإن كانت مستحقة لهم كان تركها في أول الأمر إحساناً ، والكريم إذا أسقط حق نفسه ، فإنه لا يليق به أن يسترجعه بعد ذلك ، وأما إن كانت تلك الزيادة غير مستحقة كان إيصالها إليهم ظلماً وإنه لا يجوز على الله الجواب : كما أن الشيء يؤثر بحسب خاصية ذاته ، فكذا إذا دام ازداد تأثيره بحسب ذلك الدوام ، فلا جرم كلما كان الدوام أكثر كان الإيلام أكثر ، وأيضاً فتلك الزيادة مستحقة ، وتركها في بعض الأوقات لا يوجب الإبراء والإسقاط ، والله علم بما أراد . واعلم أنه تعالى لما ذكر وعيد الكفار أتبعه بوعد الأخيار وهو أمور : أولها : قوله تعالى :