Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 78, Ayat: 29-29)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وفيه مسائل : المسألة الأولى : قال الزجاج : { كُلَّ } منصوب بفعل مضمر يفسره { أَحْصَيْنَـٰهُ } والمعنى : وأحصينا كل شيء وقرأ أبو السمال ، وكل بالرفع على الابتداء . المسألة الثانية : قوله : { وَكُلَّ شيْء أَحْصَيْنَـٰهُ } أي علمنا كل شيء كما هو علماً لا يزول ولا يتبدل ، ونظيره قوله تعالى : { أَحْصَـٰهُ ٱللَّهُ وَنَسُوهُ } [ المجادلة : 6 ] واعلم أن هذه الآية تدل على كونه تعالى عالماً بالجزئيات ، واعلم أن مثل هذه الآية لا تقبل التأويل : وذلك لأنه تعالى ذكر هذا تقريراً لما ادعاه من قوله : { جَزَاءً وِفَـٰقاً } [ النبأ : 26 ] كأنه تعالى يقول : أنا عالم بجميع ما فعلوه ، وعالم بجهات تلك الأفعال وأحوالها واعتباراتها التي لأجلها يحصل استحقاق الثواب والعقاب ، فلا جرم لا أوصل إليهم من العذاب إلا قدر ما يكون وفاقاً لأعمالهم ، ومعلوم أن هذا القدر إنما يتم لو ثبت كونه تعالى عالماً بالجزئيات ، وإذا ثبت هذا ظهر أن كل من أنكره كان كافراً قطعاً . المسألة الثالثة : قوله : { أَحْصَيْنَـٰهُ كِتَـٰباً } فيه وجهان : أحدهما : تقديره أحصيناه إحصاء ، وإنما عدل عن تلك اللفظة إلى هذه اللفظة ، لأن الكتابة هي النهاية في قوة العلم ، ولهذا قال عليه السلام " " قيدوا العلم بالكتابة " " فكأنه تعالى قال : وكل شيء أحصيناه إحصاء مساوياً في القوة والثبات والتأكيد للمكتوب ، فالمراد من قوله كتاباً تأكيد ذلك الإحصاء والعلم ، واعلم أن هذا التأكيد إنما ورد على حسب مايليق بأفهام أهل الظاهر ، فإن المكتوب يقبل الزوال ، وعلم الله بالأشياء لا يقبل الزوال لأنه واجب لذاته القول الثاني : أن يكون قوله كتاباً حالاً في معنى مكتوباً والمعنى وكل شيء أحصيناه حال كونه مكتوباً في اللوح المحفوظ ، كقوله : { وَكُلَّ شيْءٍ أَحْصَيْنَـٰهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ } أو في صحف الحفظة . ثم قال تعالى :