Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 78, Ayat: 35-35)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
في الآية سؤالان : الأول : الضمير في قوله : { فِيهَا } إلى ماذا يعود ؟ الجواب فيه قولان الأول : أنها ترجع إلى الكأس ، أي لا يجري بينهم لغو في الكأس التي يشربونها ، وذلك لأن أهل الشراب في الدنيا يتكلمون بالباطل ، وأهل الجنة إذا شربوا لم يتغير عقلهم ، ولم يتكلموا بلغو والثاني : أن الكناية ترجع إلى الجنة ، أي لا يسمعون في الجنة شيئاً يكرهونه . السؤال الثاني : الكذاب بالتشديد يفيد المبالغة ، فوروده في قوله تعالى : { وَكَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِنَا كِذَّاباً } [ النبأ : 28 ] مناسب لأنه يفيد المبالغة في وصفهم بالكذب ، أما وروده ههنا فغير لائق ، لأن قوله : { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ كِذَّاباً } يفيد أنهم لا يسمعون الكذب العظيم وهذا لا ينفي أنهم يسمعون الكذب القليل ، وليس مقصود الآية ذلك بل المقصود المبالغة في أنهم لا يسمعون الكذب ألبتة ، والحاصل أن هذا اللفظ يفيد نفي المبالغة واللائق بالآية المبالغة في النفي والجواب : أن الكسائي قرأ الأول بالتشديد والثاني بالتخفيف ، ولعل غرضه ما قررناه في هذا السؤال ، لأن قراءة التخفيف ههنا تفيد أنهم لا يسمعون الكذب أصلاً ، لأن الكذاب بالتخفيف والكذب واحد لأن أبا علي الفارسي قال : كذاب مصدر كذب ككتاب مصدر كتب فإذا كان كذلك كانت القراءة بالتخفيف تفيد المبالغة في النفي ، وقراءة التشديد في الأول تفيد المبالغة في الثبوت فيحصل المقصود من هذه القراءة في الموضعين على أكمل الوجوه ، فإن أخذنا بقراءة الكسائي فقد زال السؤال ، وإن أخذنا بقراءة التشديد في الموضعين وهي قراءة الباقين ، فالعذر عنه أن قوله : { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ كِذباً } إشارة إلى ما تقدم من قوله : { وَكَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِنَا كِذَّاباً } والمعنى أن هؤلاء السعداء لا يسمعون كلامهم المشوش الباطل الفاسد ، والحاصل أن النعم الواصلة إليهم تكون خالية عن زحمة أعدائهم وعن سماع كلامهم الفاسد وأقوالهم الكاذبة الباطلة . ثم إنه تعالى لما عدد أقسام نعيم أهل الجنة قال :