Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 78, Ayat: 36-36)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وفيه مسائل : المسألة الأولى : قال الزجاج : المعنى جازاهم بذلك جزاء ، وكذلك عطاء لأن معنى جازاهم وأعطاهم واحد . المسألة الثانية : في الآية سؤال وهو أنه تعالى جعل الشيء الواحد جزاء وعطاء ، وذلك محال لأن كونه جزاء يستدعي ثبوت الاستحقاق ، وكونه عطاء يستدعي عدم الاستحقاق والجمع بينهما متناف والجواب عنه : لا يصح إلا على قولنا : وهو أن ذلك الاستحقاق إنما ثبت بحكم الوعد ، لا من حيث إن الفعل يوجب الثواب على الله ، فذلك نظراً إلى الوعد المترتب على ذلك الفعل يكون جزاء ، ونظراً إلى أنه لا يجب على الله لأحد شيء يكون عطاء . المسألة الثالثة : قوله : { حِسَاباً } فيه وجوه الأول : أن يكون بمعنى كافياً مأخوذ من قولهم : أعطاني ما أحسبني أي ما كفاني ، ومنه قوله : حسبي من سؤالي علمه بحالي ، أي كفاني من سؤالي ، ومنه قوله : @ فلما حللت به ضمني فأولى جميلاً وأعطى حسابا @@ أي أعطى ما كفى والوجه الثاني : أن قوله : حساباً مأخوذ من حسبت الشيء إذا أعددته وقدرته فقوله : { عَطَاءً حِسَاباً } أي بقدر ما وجب له فيما وعده من الإضعاف ، لأنه تعالى قدر الجزاء على ثلاثة أوجه ، وجه منها على عشرة أضعاف ، ووجه على سبعمائة ضعف ، ووجه على مالا نهاية له ، كما قال : { إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّـٰبِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [ الزمر : 10 ] ، الوجه الثالث : وهو قول ابن قتيبة : { عَطَاء حِسَاباً } أي كثيراً وأحسبت فلاناً أي أكثرت له ، قال الشاعر : @ ونقفي وليد الحي إن كان جائعا ونحسبه إن كان ليس بجائع @@ الوجه الرابع : أنه سبحانه يوصل الثواب الذي هو الجزاء إليهم ويوصل التفضل الذي يكون زائداً على الجزء إليهم ، ثم قال : { حِسَاباً } ثم يتميز الجزاء عن العطاء حال الحساب الوجه الخامس : أنه تعالى لما ذكر في وعيد أهل النار : { جَزَاءً وِفَـٰقاً } ذكر في وعد أهل الجنة جزاء عطاء حساباً أي راعيت في ثواب أعمالكم الحساب ، لئلا يقع في ثواب أعمالكم بخس ونقصان وتقصير ، والله أعلم بمراده . المسألة الرابعة : قرأ ابن قطيب : { حِسَاباً } بالتشديد على أن الحساب بمعنى المحسب كالدراك بمعنى المدرك ، هكذا ذكره صاحب « الكشاف » . واعلم أنه تعالى لما بالغ في وصف وعيد الكفار ووعد المتقين ، ختم الكلام في ذلك بقوله :