Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 79, Ayat: 30-30)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وفيه مسائل : المسألة الأولى : دحاها بسطها ، قال زيد بن عمرو بن نفيل : @ دحاها فلما رآها استوت على الماء أرسى عليها الجبالا @@ وقال أمية بن أبي الصلت : @ دحوت البلاد فسويتها وأنت على طيها قادر @@ قال أهل اللغة في هذه اللفظة لغتان دحوت أدحو ، ودحيت أدحى ، ومثله صفوت وصفيت ولحوت العود ولحيته وسأوت الرجل وسأيته وبأوت عليه وبأيت ، وفي حديث علي عليه السلام " " اللهم داحي المدحيات " " أي باسط الأرضين السبع وهو المدحوات أيضاً ، وقيل : أصل الدحو الإزالة للشيء من مكان إلى مكان ، ومنه يقال : إن الصبي يدحو بالكرة أي يقذفها على وجه الأرض ، وأدحى النعامة موضعه الذي يكون فيه أي بسطته وأزلت ما فيه من حصى ، حتى يتمهد له ، وهذا يدل على أن معنى الدحو يرجع إلى الإزالة والتمهيد . المسألة الثانية : ظاهر الآية يقتضي كون الأرض بعد السماء ، وقوله : في حمۤ السجدة ، { ثُمَّ ٱسْتَوَى إِلَى ٱلسَّمَاء } [ فصلت : 11 ] يقتضي كون السماء بعد الأرض ، وقد ذكرنا هذه المسألة في سورة البقرة في تفسير قوله : { ثُمَّ ٱسْتَوَى إِلَى ٱلسَّمَاء } [ البقرة : 29 ] ولا بأس بأن نعيد بعض تلك الوجوه أحدها : أن الله تعالى خلق الأرض أولاً ثم خلق السماء ثانياً ثم دحى الأرض أي بسطها ثالثاً ، وذلك لأنها كانت أولاً كالكرة المجتمعة ، ثم إن الله تعالى مدها وبسطها ، فإن قيل الدلائل الاعتبارية دلت على أن الأرض الآن كرة أيضاً ، وإشكال آخر وهو أن الجسم العظيم يكون ظاهره كالسطح المستوي ، فيستحيل أن يكون هذا الجسم مخلوقاً ولا يكون ظاهره مدحواً مبسوطاً وثانيها : أن لا يكون معنى قوله { دَحَـٰهَا } : مجرد البسط ، بل يكون المراد أنه بسطها بسطاً مهيأ لنبات الأقوات وهذا هو الذي بينه بقوله : { أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَـٰهَا } [ النازعات : 31 ] وذلك لأن هذا الاستعداد لا يحصل للأرض إلا بعد وجود السماء فإن الأرض كالأم والسماء كالأب ، وما لم يحصلا لم تتولد أولاً المعادن والنباتات والحيوانات وثالثها : أن يكون قوله : { وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ } أي مع ذلك كقوله : { عُتُلٍ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ } [ القلم : 13 ] أي مع ذلك ، وقولك للرجل أنت كذا وكذا ثم أنت بعدها كذا لا تريد به الترتيب ، وقال تعالى : { فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ } إلى قوله : { ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } [ البلد : 17 ] والمعنى وكان مع هذا من أهل الإيمان بالله ، فهذا تقرير ما نقل عن ابن عباس ومجاهد والسدي وابن جريج أنهم قالوا في قوله : { وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَـٰهَا } أي مع ذلك دحاها . المسألة الثالثة : لما ثبت أن الله تعالى خلق الأرض أولاً ثم خلق السماء ثانياً ، ثم دحى الأرض بعد ذلك ثالثاً ، ذكروا في تقدير تلك الأزمنة وجوهاً . روي عن عبد الله بن عمر « خلق الله البيت قبل الأرض بألفي سنة ، ومنه دحيت الأرض » واعلم أن الرجوع في أمثال هذه الأشياء إلى كتب الحديث أولى .