Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 79, Ayat: 35-36)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المسألة الثانية : قد ظهر بما ذكرنا أن معنى الطامة الكبرى الداهية الكبرى ، ثم اختلفوا في أنها أي شيء هي ، فقال قوم : إنها يوم القيامة لأنه يشاهد فيه من النار ، ومن الموقف الهائل ، ومن الآيات الباهرة الخارجة عن العادة ما ينسى معه كل هائل ، وقال الحسن : إنها هي النفخة الثانية التي عندها تحشر الخلائق إلى موقف القيامة ، وقال آخرون : إنه تعالى فسر الطامة الكبرى بقوله تعالى : { يَوْمَ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَـٰنُ مَا سَعَىٰ * وَبُرّزَتِ ٱلْجَحِيمُ لِمَن يَرَىٰ } فالطامة تكون اسماً لذلك الوقت ، فيحتمل أن يكون ذلك الوقت وقت قراءة الكتاب على ما قال تعالى : { وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ كِتَابًا يَلْقَـٰهُ مَنْشُوراً } [ الإسراء : 13 ] ويحتمل أن تكون تلك الساعة هي الساعة التي يساق فيها أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار ، ثم إنه تعالى وصف ذلك اليوم بوصفين : الأول : قوله تعالى : { يَوْمَ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَـٰنُ مَا سَعَىٰ } يعني إذا رأى أعماله مدونة في كتابه تذكرها ، وكان قد نسيها ، كقوله : { أَحْصَـٰهُ ٱللَّهُ وَنَسُوهُ } [ المجادلة : 6 ] . الصفة الثانية : قوله تعالى : { وَبُرّزَتِ ٱلْجَحِيمُ لِمَن يَرَىٰ } وفيه مسألتان : المسألة الأولى : قوله تعالى : { لِمَن يَرَىٰ } أي أنها تظهر إظهاراً مكشوفاً لكل ناظر ذي بصر ثم فيه وجهان أحدهما : أنه استعارة في كونه منكشفاً ظاهراً كقولهم : تبين الصبح لذي عينين . وعلى هذا التأويل لا يجب أن يراه كل أحد والثاني : أن يكون المراد أنها برزت ليراها كل من له عين وبصر ، وهذا يفيد أن كل الناس يرونها من المؤمنين والكفار ، إلا أنها مكان الكفار ومأواهم والمؤمنون يمرون عليها ، وهذا التأويل متأكد بقوله تعالى : { وَإِن مّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } إلى قوله : { ثُمَّ نُنَجّى ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } [ مريم : 7271 ] فإن قيل : إنه تعالى قال في سورة الشعراء : { وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ * وَبُرّزَتِ ٱلْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ } [ الشعراء : 9190 ] فخص الغاوين بتبريرها لهم ، قلنا : إنها برزت للغاوين ، والمؤمنون يرونها أيضاً في الممر ، ولا منافاة بين الأمرين . المسألة الثانية : قرأ أبو نهيك { وَبُرّزَتِ } وقرأ ابن مسعود : لمن رأى ، وقرأ عكرمة : لمن ترى ، والضمير للجحيم ، كقوله : { إِذَا رَأَتْهُمْ مّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } [ الفرقان : 12 ] وقيل : لمن ترى يا محمد من الكفار الذين يؤذونك . واعلم أنه تعالى لما وصف حال القيامة في الجملة قسم المكلفين قسمين : الأشقياء والسعداء ، فذكر حال الأشقياء .