Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 87, Ayat: 11-12)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فاعلم أنا بينا أن أقسام الخلق ثلاثة العارفون والمتوقفون والمعاندون ، وبينا أن القسمين الأولين ، لا بد وأن يكون لهما خوف وخشية ، وصاحب الخشية لا بد وأن يستمع إلى الدعوة وينتفع بها ، فيكون الأشقى هو المعاند الذي لا يستمع إلى الدعوة ولا ينتفع بها ، فلهذا قال تعالى : { وَيَتَجَنَّبُهَا ٱلأَشْقَى ٱلَّذِي يَصْلَى ٱلنَّارَ ٱلْكُبْرَىٰ } وفيه مسألتان : المسألة الأولى : ذكروا في تفسير { النار الكبرى } وجوهاً أحدها : قال الحسن : الكبرى نار جهنم ، والصغرى نار الدنيا وثانيها : أن في الآخرة نيراناً ودركات متفاضلة كما أن في الدنيا ذنوباً ومعاصي متفاضلة ، وكما أن الكافر أشقى العصاة كذلك يصلى أعظم النيران وثالثها : أن النار الكبرى هي النار السفلى ، وهي تصيب الكفار على ما قال تعالى : { إِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ فِي ٱلدَّرْكِ ٱلأَسْفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ } [ النساء : 145 ] . المسألة الثانية : قالوا : نزلت هذه الآية في الوليد وعتبة وأبي ، وأنت تعلم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، لا سيما وقد بينا صحة هذا الترتيب بالبرهان العقلي . المسألة الثالثة : لقائل أن يقول : إن الله تعالى ذكر ههنا قسمين أحدهما : الذي يذكر ويخشى والثاني : الأشقى الذي يصلى النار الكبرى ، لكن وجود الأشقى يستدعي وجود الشقي فكيف حال هذا القسم ؟ وجوابه : أن لفظة الأشقى لا تقتضي وجود الشقي إذ قد يجري مثل هذا اللفظ من غير مشاركة ، كقوله تعالى : { أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً } [ الفرقان : 24 ] وقيل : المعنى ، ويتجنبها الشقي الذي يصلى كما في قوله : { وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } [ الروم : 27 ] أي هين عليه ، ومثل قول القائل : @ إن الذي سمك السماء بنى لنا بيتاً دعائمه أعز وأطول @@ هذا ما قيل لكن التحقيق ما ذكرنا أن الفرق الثلاثة ، العارف والمتوقف والمعاند فالسعيد هو العارف ، والمتوقف له بعض الشقاء والأشقى هو المعاند الذي بينا أنه هو الذي لا يلتفت إلى الدعوة ولا يصغى إليها ويتجنبها . أما قوله تعالى :