Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 87, Ayat: 10-10)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ففيه مسائل : المسألة الأولى : اعلم أن الناس في أمر المعاد على ثلاثة أقسام منهم من قطع بصحته ، ومنهم من جوز وجوده ولكنه غير قاطع فيه لا بالنفي ولا بالإثبات ، ومنهم من أصر على إنكاره وقطع بأنه لا يكون فالقسمان الأولان تكون الخشية حاصلة لهما ، وأما القسم الثالث فلا خشية له ولا خوف إذا عرفت ذلك ظهر أن الآية تحتمل تفسيرين : أحدهما : أن يقال : الذي يخشى هو الذي يكون عارفاً بالله وعارفاً بكمال قدرته وعلمه وحكمته ، وذلك يقتضي كونه قاطعاً بصحة المعاد ولذلك قال تعالى : { إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاء } [ فاطر : 28 ] فكأنه تعالى لما قال : { فَذَكّرْ إِن نَّفَعَتِ ٱلذّكْرَىٰ } بين في هذه الآية أن الذي تنفعه الذكرى من هو ، ولما كان الانتفاع بالذكرى مبنياً على حصول الخشية في القلب ، وصفات القلوب مما لا اطلاع لأحد عليها إلا الله سبحانه وجب على الرسول تعميم الدعوة تحصيلاً للمقصود ، فإن المقصود تذكير من ينتفع بالتذكير ، ولا سبيل إليه إلا بتعميم التذكير . الثاني : أن يقال : إن الخشية حاصلة للعاملين وللمتوقفين غير المعاندين وأكثر الخلق متوقفون غير معاندين والمعاند فيهم قليل ، فإذا ضم إلى المتوقفين الذين لهم الغلبة العارفون كانت الغلبة العظيمة لغير المعاندين ، ثم إن كثيراً من المعاندين ، إنما يعاندون باللسان ، فأما المعاند في قلبه بينه وبين نفسه فذلك مما لا يكون أو إن كان فهو في غاية الندرة والقلة ، ثم إن الإنسان إذا سمع التخويف بأنه يصلى النار الكبرى وأنه لا يموت فيها ولا يحيى انكسر قلبه فلا بد وأن يستمع وينتفع أغلب الخلق في أغلب الأحوال ، وأما ذلك المعرض فنادر ، وترك الخير الكثير لأجل الشر القليل شر كثير ، فمن هذا الوجه كان قوله : { فَذَكّرْ إِن نَّفَعَتِ ٱلذّكْرَىٰ } يوجب تعميم التذكير . المسألة الثالثة : السين في قوله : { سَيَذَّكَّرُ } يحتمل أن تكون بمعنى سوف يذكر وسوف من الله واجب كقوله : { سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ } [ الأعلى : 6 ] ويحتمل أن يكون المعنى أن من خشي الله فإنه يتذكر وإن كان بعد حين بما يستعمله من التدبر والنظر فهو بعد طول المدة يذكر ، والله أعلم . المسألة الرابعة : العلم إنما يسمى تذكراً إذا كان قد حصل العلم أولاً ثم نسيه وهذه الحالة غير حاصلة للكفار فكيف سمى الله تعالى ذلك بالتذكر ؟ وجوابه : أن لقوة الدلائل وظهورها كأن ذلك العلم كان حاصلاً ، ثم إنه زال بسبب التقليد والعناد . فلهذا أسماه الله تعالى بالتذكر . المسألة الخامسة : قيل : نزلت هذه الآية في عثمان بن عفان ، وقيل : نزلت في ابن أم مكتوم . أما قوله تعالى :