Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 91, Ayat: 9-9)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فاعلم أن التزكية عبارة عن التطهير أو عن الإنماء ، وفي الآية قولان أحدهما : أنه قد أدرك مطلوبه من زكى نفسه بأن طهرها من الذنوب بفعل الطاعة ومجانبة المعصية والثاني : قد أفلح من زكاها الله ، وقبل القاضي هذا التأويل ، وقال المراد منه أن الله حكم بتزكيتها وسماها بذلك ، كما يقال في العرف : إن فلاناً يزكي فلاناً ، ثم قال : والأول أقرب ، لأن ذكر النفس قد تقدم ظاهراً ، فرد الضمير عليه أولى من رده على ما هو في حكم المذكور لا أنه مذكور . واعلم أنا قد دللنا بالبرهان القاطع أن المراد ، بألهمها ما ذكرناه فوجب حمل اللفظ عليه . وأما قوله بأن هذا محمول على الحكم والتسمية فهو ضعيف ، لأن بناء التفعيلات على التكوين ، ثم إن سلمنا ذلك لكن ما حكم الله به يمتنع تغيره ، لأن تغير المحكوم به يستلزم تغير الحكم من الصدق إلى الكذب ، وتغير العلم إلى الجهل وذلك محال ، والمفضي إلى المحال محال . أما قوله ذكر النفس قد تقدم ، قلنا : هذا بالعكس أولى ، فإن أهل اللغة اتفقوا على أن عود الضمير إلى الأقرب أولى من عوده إلى الأبعد ، وقوله : { فَأَلْهَمَهَا } أقرب إلى قوله : { مَا } منه إلى قوله : { وَنَفْسٍ } فكان الترجيح لما ذكرناه ، ومما يؤكد هذا التأويل ما رواه الواحدي في البسيط عن سعيد بن أبي هلال أنه عليه السلام كان إذا قرأ : { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّـٰهَا } وقف وقال : " " اللهم آت نفسي تقواها ، أنت وليها وأنت مولاها ، وزكها أنت خير من زكاها " " أما قوله تعالى :