Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 96, Ayat: 11-12)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وفيه مسائل : المسألة الأولى : قوله : { أَرَأَيْتَ } خطاب لمن ؟ فيه وجهان الأول : أنه خطاب للنبي عليه السلام ، والدليل عليه أن الأول وهو قوله : { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِى يَنْهَىٰ * عَبْداً } للنبي صلى الله عليه وسلم والثالث وهو قوله : { أَرَءيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } [ العلق : 13 ] للنبي عليه الصلاة والسلام فلو جعلنا الوسط لغير النبي لخرج الكلام عن النظم الحسن ، يقول الله تعالى يا محمد : أرأيت إن كان هذا الكافر ، ولم يقل : لو كان إشارة إلى المستقبل كأنه يقول : أرأيت إن صار على الهدى ، واشتغل بأمر نفسه ، أما كان يليق به ذلك إذ هو رجل عاقل ذو ثروة ، فلو اختار الدين والهدى والأمر بالتقوى ، أما كان ذلك خيراً له من الكفر بالله والنهي عن خدمته وطاعته ، كأنه تعالى يقول : تلهف عليه كيف فوت على نفسه المراتب العالية وقنع بالمراتب الدنيئة . القول الثاني : أنه خطاب للكافر ، لأن الله تعالى كالمشاهد للظالم والمظلوم ، وكالمولى الذي قام بين يديه عبدان ، وكالحاكم الذي حضر عنده المدعي ، والمدعى عليه فخاطب هذا مرة ، وهذا مرة . فلما قال للنبي : { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِى يَنْهَىٰ * عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ } [ العلق : 9 ] التفت بعد ذلك إلى الكافر ، فقال : أرأيت يا كافر إن كانت صلاته هدى ودعاؤه إلى الله أمراً بالتقوى أتنهاه مع ذلك . المسألة الثانية : ههنا سؤال وهو أن المذكور في أول الآية . هو الصلاة وهو قوله : { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِى يَنْهَىٰ * عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ } والمذكور ههنا أمران ، وهو قوله : { أَرَءيْتَ إِن كَانَ عَلَىٰ ٱلْهُدَىٰ } في فعل الصلاة ، فلم ضم إليه شيئاً ثانياً ، وهو قوله : { أَوْ أَمَرَ بِٱلتَّقْوَىٰ } ؟ جوابه : من وجوه أحدها : أن الذي شق على أبي جهل من أفعال الرسول عليه الصلاة والسلام هو هذان الأمران الصلاة والدعاء إلى الله ، فلا جرم ذكرهما ههنا وثانيها : أن النبي عليه الصلاة والسلام كان لا يوجد إلا في أحد أمرين ، إما في إصلاح نفسه ، وذلك بفعل الصلاة أو في إصلاح غيره ، وذلك بالأمر بالتقوى وثالثها : أنه عليه السلام كان في صلاته على الهدى وآمراً بالتقوى ، لأن كل من رآه وهو في الصلاة كان يرق قلبه . فيميل إلى الإيمان ، فكان فعل الصلاة دعوة بلسان الفعل ، وهو أقوى من الدعوة بلسان القول .