Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 32-32)

Tafsir: at-Tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

من شدد " الميم " في " لما " كعاصم وحمزة وابن عامر كانت عنده بمعنى " إلاّ " كما في " نشدتك بالله لما فعلت " و " إن " نافية ، والتقدير : ما كلٌ إلاّ لدينا محضرون . ومن خفّفها كالباقين كانت " ما " صلة للتأكيد و " إنْ " مخفّفة من الثقيلة ، وهي متلقّاة باللام لا محالة ، والتقدير : وإنه كلٌ لَجميعٌ لدينا محضرون . والتنوين في " كلٌ " عوض من المضاف إليه ، والمعنى : أن كلهم من السابقين واللاحقين محشورون مجموعون لدينا محضرون ، أي مبعوثون يوم القيامة للحساب والجزاء - كما عليه جمهور المفسرين - أو دائماً ، لأن علمه بجميع الجزئيات والشخصيات حضوري ، فجميع الموجودات حاضرة عنده مجموعاً من غير تعاقب وتجدد وغيبة لبعضها عن بعض ، بالقياس إلى شمول علمه ونظره ، وإحاطة سمعه وبصره ، فلا حاجة له في حضور الخلائق عنده إلى قيام الساعة وتبدّل الدنيا بالآخرة ، إنما ذلك بالقياس إلى المحجوبين بالزمان والمكان ، المحبوسين في سجن الأفلاك والأركان ، حيث يتحكّم فيهم تبدل الأزمنة والأقران ، وتتسلط عليهم انفعالات المواد والأبدان ، وكل من لا تعلق له بعالم الزوال والفناء ، فلا انتظار له في حضور الأشياء ومثولها بين يدي خالق الأرض والسماء ، فالدنيا والآخرة سيّان له ، وعنده علم الساعة وإليه يحشرون . وقيل : معنى " محضرون " معذبون . ثم لما كانت مسألة المعاد وحشر الأجساد ، وحضور العباد بأبدانهم الأخروية عند المبدء الجواد ، من عظائم أركان الإعتقاد ، ولطائف مسائل الإجتهاد ، وفي إدراكها غموض شديد لا يمكن الوصول إليه بجهد جهيد ، كرر الله ذكرها في القرآن ، ومهّد لإثباتها وجوهاً كثيرة من الأمثلة الموضحة لها عند البيان . منها : ما ذكرها في هذه السورة التي هي مشتملة على جملة ما في الكتب الالهية من وجوه عديدة ، أوضحها بياناً ، وأجلّها كشفاً وبرهاناً ، ما ذكره بقوله : { وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ } [ يس : 33 ] .