Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 38-38)
Tafsir: at-Tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المُسْتَقَر : هو الحدّ المُوَقَّت المقّدر ، الذي تنتهي إليه حركة الشمس في فلكها آخر الدورة ، كأول الحَمَل في كل سنة ، عند من جعله أول الدور ، أو غيره عند آخرين ، ويحتمل أن يراد به نقطة الأوْج ، التي فيها غاية بطء الحركة ، وبُعْد الشمس عن الأبصار ، وصغر جرمها عند الأنظار ، أو مقابلها من نقطة الحضيض ، أو يراد به نقطة المغرب ، التي تتوجه إليها مدة حركتها فوق الأفق ، حتى تبلغ إليها في مسيرها كلَّ يوم ، ثم ترجع عنها في مرائي عيوننا ، أو نقطة مقابلها من المشرق ، فإذا حركتها في أحد النصفين من مدارها اليومي ، تخالف حركتها في النصف الآخر ، بالقياس إلى موضع الناظرين ، ولا بد فيما بين الحركتين المختلفتين من حد معين ، ومُستقَرٍّ خاص تنتهي إليه وتبتديء منه ، كمنزل المسافر المعهود لاستِقْرارِه . ويحتمل أن يراد به الحد ، الذي فيه غاية ارتفاعها في منتصف النهار ، عند قَطْع نصف مدارها الصاعد ، وهو حدُّ بلوغها دائرة نصف النهار فوق الأفق ، أو مقابله من نقطة تقاطع مدارها مع دائرة نصف الليل تحت الأفق . ويحتمل أن يكون مستقرُّها أجلها الذي أقرّ الله عليه مقدار جريها وكميّة سيرها ، فاستقرّت عليه من غير تغيّر عما فطر الله عليه ، وهو مقدار السنة . ويحتمل أيضاً أن يراد منها ، تشابه حركتها المختصّة من غير رجوع وانعطاف ، ولا اختلاف في السرعة والبطء ، فكأنها على مستقر واحد ، أو يراد ثبات وضعها من غير انحراف ولا استواء ولا سكون ولا هوى ، إلى جانب السفل ، ولا ارتفاع إلى جانب العلو ، ليدل ثبات وضعها ، وتشابه حركتها ، على تدبير حافظ مديم ، وتقدير عزيز عليم . وفي قراءة ابن مسعود : " لا مستقرَّ لها " أي : لا تزال تجري لا تستقر ، لأن داعي حركتها ليس غرضاً حيوانياً شهوياً أو غضبياً ، ولا التفاتاً بالسافل وانتفاع الكائنات بها ، بل تشوُّقاً إلى بارئها ، وتقرباً إلى الله زلفى ، وطلباً لما عنده من الخيرات الدائمة والأنوار الغير المتناهية . وقرئ أيضاً : " لا مستقر لها " على أن يكون " لا " بمعنى " ليس ذلك " . وقيل : المستقر الوقت الذي يستقر فيه وينقطع جريها - وهو يوم القيامة - ذلك الجري والسير الحثيث ، في طلب المبدء الأول على ذلك التقدير ، والوجه الذي تكلُّ في حسابه الدقيق دقائق الافهام ، وتتحير في استنباطه العقول والأوهام ، وتترتب عليه مع نفع الكائنات السافلات ، ونشوء الحيوان والنبات على هذا النظام ، غايته الأصلية ، التي هي التشبّه بالخير الأعظم ، والتقرب إلى القيّوم المنّور بنور الوجود والكرم لحقائق العالم ، المخرج لها عن ظلمة العدم ، ما هو إلاّ بتقدير العزيز العليم ، القاهر فوق عباده ، والغالب على كل مقدور ، والمحيط علماً بوجوه الخير والنظام في كل معلوم ، وكل ما كانت قدرته كاملة ، وعلمه شاملاً ، فيجب أن تكون رحمته دائمة ونعمته باسطة ، ويكون وجود الموجودات منه على غاية الخير في النظام ، ونهاية الفضيلة والتمام والإستمرار والدوام .