Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 56, Ayat: 19-19)
Tafsir: at-Tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لا يوجد من شربها صداعٌ لصفائها من كدر الشرّ والآفة ، وفساد التركيب وغلبة أحد الأضداد كخمور هذه الدنيا ، وتعاليهم عن تأثير المزاحمات ، وتصديع المصادمات ، لتجرّدهم عن عوالِم التراكيب والأضداد ، وارتفاعهم عن الطبقات السافلة التي يوجد فيها الشرّ والفساد . وقيل : لا يتفرقون عنها . وقرأ مجاهد : لا يصدّعون بمعنى لا يتصدّعون ، اي لا يتفرّقون ، كقوله تعالى في حقّ الكفّار : { يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } [ الروم : 43 ] . وذلك لأنّ منشأ صحبتهم ومبدأ جمعيّتهم هو مشرب المحبّة الإلهيّة ، ونشأة الوحدة المعنويّة ، والوصلة الإيمانيّة والرابطة الحكميّة ، ليس باعثها الأغراض النفسانيّة والأوضاع الجسمانيّة المؤديّة سريعاً إلى التفرقة والوحشة والنفرة . وقوله : " لا يُنْزِفون " إن كان بفتح " الزاء " فمعناه : لا تذهب عقولهم بالسكر ، كما في قوله تعالى : { لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ } [ الصافات : 47 ] وهذا في قراءة الكوفّيين غير عاصم . وإن كان بكسر الزاء - كما في قراءة الباقين - ، فالمعنى : لا يفنى شرابهم الروحاني ولا تزول نشأة مدامهم الحبّي الإلهيّ ، إذ منبعه منبع فيض الوجود الأبدي ، وعين ماء الحياة السرمدي ، الذي لن يبرح من أسكوب الفضل سائلاً مائلاً ، ومن منبع الإفاضة والرحمة طائلاً نائلاً .