Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 56, Ayat: 4-6)

Tafsir: at-Tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

" إذا " مع ما يليه ؛ بدل من " إذا وقعت " . أو هو منصوب بـ " خافِضَة رافِعَة " . و " الرَجُّ " هو التحريك الشديد . فمعنى " رُجَّتِ الأرضُ " : حُرّكت تحريكا شديدا حتى انهدم كلّ شيء عليها من الأبنية والجبال . وهي كذلك عند قيام الساعة ، كما انها كذلك عند أهل الكشف الذين غلب على باطنهم ظهور سلطان الآخرة ، فهم يرون الأرض ومن عليها دائمة التحوّل والنقل ، لازمة الانهدام والزوال من حال إلى حال . و " البَسّ " هو التفتيت للشيء والتفريق له حتّى يعود كالسَّويق . وبسّت الجبال ، صارت متفرّقة الأجزاء كالذرّات المبثوثة في الهواء ، وكذلك أصل الجبال ، فإنّها في الأصل كانت أجزاء متفرّقة في مدّة طويلة لا يعلم كميّتها إلاّ الله ، فجمعتها أيدي بعض ملائكة الله الموكّلة بتصريف الرياح وتمويج البحار ، فانعقدت جبالاً بإذن الله في بعض الأوقات ، ثم تعود إلى ما كانت وزالت عن مواضعها في كلّ وقت على التدريج ولو بهبوب الرياح ونزول الأمطار وتأثير أشعّة الشمس وغيرها من الأنوار ، وتفسّخها بالتحليل والتبخير ، وعلى هذا القياس يرجع فيها كلّ شيء إلى أصله ، ويظهر على صورته الحقيقيّة التي كان عليها ، ولا شكّ أنّ الآخرة إنّما تحصل بارتفاع الحُجُب وظهور الحقايق ، وزوال التعيّنات ، وتميز الحق عن الباطل . على أنّ من اكتحلت عين بصيرته بنور الإيمان ، وتنوّر قلبه بطلوع شمس العيان ، يجد أعيان الأفلاك والأركان متبدّلة ، وطبايع الصور والأكوان متحولّة متزايلة . فهي أبداً في السيلان والزوال والحركة والانتقال حركة جوهريّة وتجدّداً ذاتياً ، لا بمجرّد الصفات والأعراض فقط ، وفي المقولات الأربع لا غير - كما زعمه المحجوبون من أهل النظر - ، بل كما أقيم عليه البرهان مطابقاً لما وجده أصحاب المكاشفة والعيان ، من أنّ الطبيعة السارية في أجسام هذا العالم ، هي حقيقة سيّالة متجدّدة الذات غير قارّة بحسب الجواهر . وعلم من ذلك أنّ الدنيا بحذافيرها حادثة ، وهي دار زوال وانتقال ، والآخرة دار قرار وثبات ، كما يراه المِليّون حسبما وصل إليهم من حَمَلة أسرار الوحي والتنزيل ، وخَزَنَة علم النبوّة والتأويل .