Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 56, Ayat: 74-74)
Tafsir: at-Tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لمّا ذكر سبحانه ما دلّ على قدرته وحكمته وإنعامه على وجه العناية الخالية عن شَوب الأغراض التي تعود إليه ، أمر نبيّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) - تعليماً للعباد - على انشاء التسبيح ، إمّا تقديسا له عن فِعل العبث والجزاف وعن الإرادة المعلّلة بالدواعي والأغراض الزايدة ، وتنزيهاً له عمَّا يقول الظالمون الذين يجحدون بآياته ويكفرون بوحدانيّته ، وإمّا تعجباً من أمر المبدِع لهذه العجايب المصنوعة لأمره ، أو من أمر مَن ينظر إلى هذه الآلاء الباهرة والأيادي الظاهرة ثمّ يمرّ عليها معرِضاً عن التدبّر فيها والتفكّر في منافعها وبماديها وغاياتها ، كما قال : { وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } [ يوسف : 105 ] . وإما شكراً لله على هذه النعم العظيمة التي عدّدها ونبّه عليها وعلى منافعها الدنيويّة وغاياتها الأخرويّة . وحقيقة التسبيح ، ليست مجرّد أن يقول الإنسان : " سُبْحَانَ الله " بل روح التسبيح ومعناه ، اعتقاد أنّه تعالى مجرّد عن الأوصاف والنقايص الإمكانية ، منزّه عن العلايق الجسمانيّة والعوايق الظلمانيّة ، وهذه لا تتيسّر إلاّ لمن كان له نصيب من القدس والتجرّد ، كضرب من الملائكة وطائفة من أهل الوحدة وإخوان التجريد ، فإنّ كلّ معتقدٍ يعتقد في ذات الله تعالى وصفاته بحسب مقامه وحاله ، فأهل الحواسّ يعبدون الله في مقام التشبيه ، والعقلاء المجرّدون يعبدونه في مقام التنزيه ، وأمّا أهل الله الواصلون الكاملون ، فيشاهدون الله ويعبدونه في جميع المقامات والأحوال في كلّ مقام ، ويسبّحونه ويعظّمونه عن الأشباه والأمثال .