Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 56, Ayat: 88-89)
Tafsir: at-Tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قد مرّ في أوائل هذه السورة أنّ الناس بالقياس إلى العاقبة وسلوك الطريق الآخرة تنقسم إلى ثلاثة أنواع : السابقين ، وأصحاب الجنّة ، وأصحاب النار ، والأخيار والأبرار ، والأشرار المشار إليهم في قوله : { فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِٱلْخَيْرَاتِ } [ فاطر : 32 ] وأشير إلى أحوال كلّ واحد من الثلاثة ، فإعادة ذكرهم هاهنا لأنّ المنظور إليه بيان أحوال أرواحهم المفارقة الموت إن كان الكلام في روح المحتضر ، لأنّ الغرض هاهنا بيان أوصاف أخرى لهم . أي : فأما إن كان روح المتوفّى من أهل الكشف واليقين والسابقين المقرّبين الذين هم أهل التوحيد والعلماء بالله وآياته وهم الأخيار الأحرار المرتفعون عن عالم السير والسلوك لوصولهم إلى المقصود الحقيقي ، بل هم مقصد السالكين { وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ } [ الكهف : 28 ] وهم الذين قيل في وصفهم : " ان حضروا لم يعرفوا وان غابوا لم يقصدوا " فحالهم بعينه حال الملائكة المقرّبين . { فَرَوْح } - أي : فلروحه روح الاطمينان وراحة السكون عند الله وبرد اليقين ، ولقلبه ريحان من رزق معلوم تفوح منه رائحة اليقين التي بها قوّة القلوب ، ولنفسه جنّة نعيم يسرح فيها ويرتع في رياضها قضاء لشهواتها الحيوانيّة ، فيها ما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين ، وهي المشتهيات التي كانت ممنوعة من قشورها بأمر رائض الشرع مدة الرياضة في اصطبل الدنيا ومآب الدوابّ وموطن الحيوانات الهالكة . { وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ لَهِيَ ٱلْحَيَوَان } [ العنكبوت : 64 ] ، فهي موطن الحيوانات الباقية . وقرأ يعقوب : فرُوح - بالضمّ - وهي قراءة النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وابن عبّاس والحسن ، ومعناه فله البلوغ إلى مقام الروح العلويّ من مقام الطبع والنفس ، أو له الاتّصال بالروح الأعظم والقلم الأعلى . وقال الحسن : الرُوح - بالضمّ - الرحمة الإلهيّة ، لأنّها كالحياة للمرحوم . وقيل : البقاء . والريحان : الرزق . أي فهذان له معاً ، وهو الخلود مع الرزق والنعيم . وقيل : والريحان كلّ نباهة وشرف . وقيل : الريحان : المشموم من رياحين الجنّة يؤتى به عند الموت فيشمّه . وقيل : رَوح في القبر وريحان في البعث ، وجنّة نعيم عند دخوله دار القرار .