Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 56, Ayat: 95-95)

Tafsir: at-Tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي : هذه المذكورات من الأحكام الثلاثة للطوايف الثلاثة ممّا لا شبهة فيه ولا ريب يعتريه عند أهل الكشف ، بل هو مشهود لهم ، إذ معنى حقّ اليقين هو اليقين البالغ حدّ الشهود ، فلأهل الله أعينُ يبصرون بها ، ولهم آذان يسمعون بها ، ولهم قلوب يعقلون بها ، وألسنة يتكلّمون بها ، غير ما هي هذه الأعين والآذان والقلوب والألسنة عليه من الصورة ، فكلامهم في كل ما يخبرون به مصيب ، فإنّهم يشاهدون ببصائرهم المنوّرة بنور الحقّ اليقين ، { فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَىٰ ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ } [ الحج : 46 ] . عن الحقّ ، أي الصدور المنشرحة بالكفر ، لقوله : { وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ ٱللَّهِ } [ النحل : 106 ] . وأمّا الصدور المنشرحة للإسلام ففيها قلوب منوّرة من الله ، لقوله : { أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ } [ الزمر : 22 ] فانّهم صمٌّ بكم عمي فهم لا يعقلون عن الله ، فهم لا يرجعون إلى الله ، ووالله إنّ عيونهم لفي وجوههم ، وإنّ اسماعهم لفي آذانهم ، وإنّ قلوبهم لفي صدورهم ، وإنّ ألسنتهم لفي أفواههم ، ولكن العناية ما سبقت لهم بالحسنى ، فلا يرون ما يرون ، ولا يسمعون ما يسمعون ، ولا يعقلون ما يعقلون ، وعن السمع لمعزولون ، كما في قوله : { وَاعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِ } [ الأنفال : 24 ] وقوله : { وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } [ الأعراف : 100 ] . وهكذا حال أهل النار من الأشرار ، كما اعترفوا بذنبهم في يوم القيامة : { وَقَالُواْ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِيۤ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ } [ الملك : 10 ] . ولله الحمد والشكر ، وله التسبيح والتقديس على ما هدانا وأَوْلاَنا حيث حبانا تلك القلوب والأعين والآذان والألسن . ولقد ورد في حديث نبويّ صحيح عند أهل الكشف - وإن لم يثبت طريقه عند أهل النقل لضعف الراوي - أنّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : " لولا تزييد في حديثكم وتمزيج في قلوبكم لرأيتم ما رأى وسمعتم ما أسمع " . وقال الله تعالى : { لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ } [ النحل : 44 ] . وأكثر من هذا البيان الذي وقع في القرآن ، سيّما في هذه السورة ، لا يمكن ، لكن أين من يقرع محلّه لآثار ربّه ليقبلها وينقلها من غير زيادة وتحريف ؟ ؟ هذا قليل نادر جدّاً ، والله وليّ التوفيق .