Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 48, Ayat: 4-4)

Tafsir: Tafsīr Bayān as-saʿāda fī maqāmāt al-ʿibāda

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ } قد مضى بيان السّكينة فى اواخر سورة البقرة عند قوله تعالى : { إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلتَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ } [ البقرة : 248 ] ( الآية ) وفى سورة التّوبة وسورة يوسف ( ع ) ، وانّ المراد بالسّكينة ظهور ملكوت ولىّ الامر على صدر المؤمن وبهذا الظّهور يحصل له جميع ما ورد فى الاخبار من معانى السّكينة ، وهذا هو الّذى ينبغى ان يظهره الله فى مقام الامتنان { فِي قُلُوبِ ٱلْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوۤاْ إِيمَاناً } شهوديّاً { مَّعَ إِيمَانِهِمْ } العلمىّ والحالىّ فانّه اذا ظهر ملكوت ولىّ الامر على المؤمن من يصير ايمانه العلمىّ قريناً لايمانه الشّهودىّ { وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } كأنّه بعد ما سبق فى سورة التّوبة من قوله تعالى بعد ذكر انزال السّكينة { وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا } [ التوبة : 26 ] وايّده بجنودٍ لم تروها كان التّأييد بالجنود الغيبيّة مسلّماً بعد انزال السّكينة فقال : وانّ الجنود الغيبيّة الّتى لا تنفكّ عن تلك السّكينة لله فهو الّذى انزل الجنود الغيبيّة للمؤمنين كما انزل السّكينة عليهم فقوله : { وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَاوَاتِ } [ الفتح : 4 ] ولله جنود السّماوات مفيدٌ معنى ايّدهم بجنودٍ لم تروها مع شيءٍ زائدٍ ، او المقصود من قوله { وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } [ الفتح : 4 ] تعميم الامتنان بسائر القوى والمدارك بعد الامتنان بانزال السّكينة عليهم كأنّه قال : لا اختصاص لامتناننا على المؤمنين بانزال السّكينة بل جميع المدارك والقوى الّتى هى من جنود السّماوات وجميع الاعضاء الآليّة والاعصاب والاوتار المحرّكة الّتى هى من جملة جنود الارض من عطيّته ، او المقصود ترغيب المؤمنين وتطميعهم بعد ذكر الامتنان بانزال السّكينة فى انزال الجنود الّتى لم يروها كأنّه قال : فاطلبوا جنود السّماوات والارض منه { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً } بمصالحكم فيعلم وقت استعدادكم لانزال السّكينة ووقت اصلاحكم بها وافسادكم بها ، ويعلم وقت صلاحكم بتأييدكم بالجنود وعدم تأييدكم { حَكِيماً } لا يفعل ما يفعل الاّ بعد المراقبة لجميع دقائق احوالكم واستحقاقكم ولا يفعل ما يفعل الاّ بالاتقان فى فعله بحيث لا يتطرّق الخلل فيه .