Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 58, Ayat: 11-11)

Tafsir: Tafsīr Bayān as-saʿāda fī maqāmāt al-ʿibāda

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } لمّا اراد ان يأمرهم بادب من الآداب الّتى يكرهونها ناداهم تلطّفاً بهم وجبراناً لكلفة التّأدّب بما يكرهون { إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِي ٱلْمَجَالِسِ فَٱفْسَحُواْ يَفْسَحِ ٱللَّهُ لَكُمْ } الفسحة بالضّمّ السّعة ، فسح المكان ككرم وافسح وتفسّح وانفسح فهو فسيح وفسح له كمنع وتفسّح وسّع له { وَإِذَا قِيلَ ٱنشُزُواْ فَانشُزُواْ } نشز من باب نصر وضرب ارتفع فى مكانٍ وقرئ بهما ، قيل : كانوا يتنافسون فى مجلس النّبىّ ( ص ) حتّى جاء جمع من البدريّين وكان النّبىّ ( ص ) مكرماً لهم فقاموا بين يدى النّبىّ ( ص ) ولم يكن لهم مجلس يجلسون فيه فقال النّبىّ ( ص ) : " يا فلان ، يا فلان ، يا فلان ، قوموا فقاموا " ، وكان ذلك شاقّاً على بعضٍ فنزلت يعنى { إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِي ٱلْمَجَالِسِ } يعنى لا يضمّ بعضكم ببعض حتّى تتأذوا من حرارة الهواء وحرارة الانضمام ، واذا قيل : وسّعوا فى المجالس بان تخلّوا لمن يأتى بعدكم مجلساً بان يضمّ بعضكم ببعضٍ حتّى يخلّى مجلس للآتى ، او يقوم بعض عن مجلسه بعد زيارته للرّسول ( ص ) وقضاء وطره حتّى يجلس فى مجلسه من يأتى بعده فافسحوا ، وذكر الغاية المترتّبة على الامتثال تطييباً لنفوسهم فقال : { يَفْسَحِ ٱللَّهُ لَكُمْ } ولم يقيّده بالمجالس ايهاماً للتّعميم يعنى يفسح الله لكم فى المجالس والارزاق والصّدور فى الدّنيا والآخرة ، واذا قيل : ارتفعوا وقوموا عن مجالسكم فقوموا ولا تغتمّوا بذلك { يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ } فى الدّنيا بحسن الصّيت والاعزاز من الخلق والتّبسّط عليهم وفى الآخرة فى درجات الجنان { وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } خصّص المؤمنين برفع الدّرجات لانّ غير المؤمنين لا درجة ولا رفع درجة لهم لانّ اجر العمل مشروط بالايمان ، وخصّص العلماء من بينهم بالذّكر لشرفهم وعلوّ درجاتهم بالنّسبة الى المؤمنين ، فانّ فضل العالم على سائر النّاس كفضل النّبىّ ( ص ) على سائر الخلق او كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ، والشّفعاء يوم القيامة ثلاثة ؛ الانبياء ( ع ) ثمّ العلماء ثمّ الشّهداء ، ويوزن دماء الشّهداء مع مداد العلماء فيرجّح مداد العلماء على دماء الشّهداء { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ } من امتثال اوامره ونواهيه ومخالفتهما { خَبِيرٌ } ترغيبٌ وتهديدٌ .