Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 69-83)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى } يعني الملائكة واختلفوا في عددهم ، قيل : كانوا ثلاثة جبريل وميكائيل واسرافيل ، وقيل : تسعة ، وقيل : أحد عشر وكانوا على صورة الغلمان ، وقوله : بالبشرى أي بالبشارة ، وقيل : بإسحاق ، وقيل : بهلاك قوم لوط { قالوا سلاماً } ، قيل : سلماً سلاماً بمعنى الدعاء ، وقيل : أرادوا بذلك استئناسه { قال سلام } أي وعليكم سلام { فما لبث أن جاء بعجل حنيذ } لأنه توهم أنهم أضياف لأنهم كانوا على صورة البشر { فلما رأى أيديهم لا تصل إليه } أي إلى العجل { نكرهم وأوجس منهم خيفة } ظن أنهم لصوص ، وقيل : ظن أنهم كفار { قالوا } يعني الملائكة { إنا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته } سارة { قائمة } وراء الستر تسمع كلامهم ، وقيل : إنها كانت قائمة على رؤوسهم تخدمهم { فضحكت } ، قيل : تعجباً من حال الأضياف وامتناعهم من أكل الطعام ، وقالت : عجباً لأضيافنا نخدمهم بأنفسنا مكرمة لهم وهم لا يأكلون طعامنا ، وقيل : ضحكت تعجباً من حال قوم لوط إذ أتاهم العذاب وهم في غفلة ، وقيل : كانت تقول لابراهيم اضمم لوطاً ابن أخيك إليك ، وقيل : ضحكت لما رأت العجل قد حيى { فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب } ابني ابراهيم { قالت يا ويلتي أألد وأنا عجوز } إمرأة كبيرة { وهذا بعلي شيخاً إن هذا لشيء عجيب } ، وقيل : بشرت وهي لها ثمان وتسعون سنة ولابراهيم مئة وعشرون سنة ، إن هذا لشيء عجيب أي يولد ولد من هرمين وإنما أنكرت عليها الملائكة لتعجبها { قالوا أتعجبين من أمر الله } لأنها كانت في بيت الآيات ومهبط المعجزات { رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت } يعني خير الدين والدنيا ، وقيل : هو دعا لهم بالبركة { فلما ذهب عن إبراهيم الروع } أي الخوف وأمن كل مكروه { وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط } يعني أخذ يجادل رسلنا من الملائكة واختلفوا بأي شيء جادل قيل : قال لهم أن فيها لوطاً ، قالوا : نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله وقوله : { إن ابراهيم لحليم } لا يعجل بالعقوبة { أوّاه } أي متأوه من خوف النار { منيب } توَّاب { يا إبراهيم أعرض عن هذا } الجدال وذلك أنهم قالوا لإبراهيم : أنا مهلكوا أهل هذه القرية ، فقال لهم ( عليه السلام ) : أرأيتم لو كان فيها خمسون رجلاً من المؤمنين أتهلكونها ؟ قالوا : لا ، قال : فأربعون ؟ قالوا : لا ، قال : فثلاثون ؟ قالوا : لا ، حتى بلغ العشرة قالوا : لا ، قال : أرأيتم لو كان فيها رجل واحد مسلم أتهلكونها ؟ قالوا : لا ، فعند ذلك قال : إن فيها لوطاً ، قالوا : نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله ، وعن ابن عباس : قالوا له : إن كان فيها خمسة يصلون رفع عنهم العذاب ، وعن قتادة : ما قوم لا يكون فيهم عشرة أبرار فيهم خير ، وقيل : كان فيهم أربعة ألاف فعند ذلك قالوا : يعني الملائكة { يا إبراهيم أعرض عن هذا } الجدال { إنه قد جاء أمر ربك } وهو قضاؤه وحكمه { وانهم آتيهم عذاب غير مردود } ثم بيَّن تعالى مجيء الملائكة إلى لوط بعد خروجهم من إبراهيم ، وما جرى بينهم وبين لوط فقال تعالى : { ولما جاءت رسلنا لوطاً سيء بهم } ، قيل : ساءه مجيء الملائكة لأنه خاف عليهم من قومه وخاف على أضيافه منهم { وقال هذا يوم عصيب } شديد في الشر ، وإنما قال ذلك لأنه لم يعلم أنهم رسل وعلم من قومه ما هم عليه ، ودخلوا معه منزله ولم يعلم بهم أحداً إلاَّ أهله ، وقيل : أتوه في نصف النهار وهو في أرض له ، وروي أن الله تعالى قال لهم : لا تهلكوهم حتى يشهد عليهم لوط أربع شهادات ، فلما مشى معهم قال لهم : أما بلغكم أمر هذه القرية ؟ قالوا : وما أمرهم ؟ قال : أشهد بالله أنها لشرّ قرية في الأرض عملاً ، يقول ذلك أربع مرات ، فدخلوا معه ولم يعلم بذلك أحد فخرجت إمرأته فأخبرت بهم قومها { وجاءه قومه يهرعون إليه } يسرعون اليه { ومن قبل كانوا يعملون السيئات } ومن قبل ذلك الوقت كانوا يعملون الفواحش ويكثرونها { قال يا قوم هؤلاء بناتي } أراد أن يقي أضيافه ببناته وذلك غاية الكرم ، وأراد هؤلاء بناتي فتزوجوهن ، وكان تزويج المسلمات من الكفار جائز كما زوج رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ابنته من أبي العاص بن الربيع وهو مشرك ، وقيل : كان لهم سيّدان مطاوعان فأراد أن يزوجهما ابنته { هنَّ أطهر لكم } من معاصي الله تعالى { فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي } أي لا تفضحوني ، وقيل : لا تذلوني ولا تهينوني { أليس منكم رجل رشيد } يهتدي إلى سبيل الحق { قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق } لسنا بأزواج لهنَّ ، وقيل : ما لنا في بناتك من حاجة { وإنك لتعلم ما نريد } من إتيان الرجال فلما لم يقبلوا الوعظ أخذ لوط ( عليه السلام ) يتأسف و { قال لو أن لي بكم قوة } وقدرة على دفعكم { أو آوي إلى ركن شديد } ارجع إلى عشيرة أتمكن بهم من النهي عن المنكر ، وقيل : أراد قوة في نفسه ، والآية تدل على عظم معصيتهم بإتيان الذكور وهي كبيرة عظيمة ، واختلفوا قيل : فيه من الحدّ ما في الزنا ، ومنهم من قال : يقتل ، وروي أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : " رحم الله أخي لوطاً قد كان يأوي إلى ركن شديد وكان له قوة بالله " ثم بيَّن تعالى أن الملائكة لما رأوا ما فيه من الوجع والتأسف وما فيه قوة فقال سبحانه : { قالوا يا لوط انا رسل ربك } أرسلنا لإهلاكهم { لن يصلوا إليك } وهو يناظرهم ويناشدهم من وراء الباب ، فقالت الملائكة : يا لوط افتح الباب ودعنا وإياهم ، ففتح الباب فدخلوا ، فاستأذن جبريل ربه في عقوبتهم فأذن له ، فقام في الصورة التي يكون يها فنشر جناحه وله جناحان وعليه وشاح من در منظوم فضرب بجناحه وجوههم فطمس عيونهم فأعماهم كما قال الله تعالى : { فطمسنا أعينهم } [ القمر : 37 ] فخرجوا وهم يقولون النجاء النجاء فإن في بيت لوط قوم سحرة { فأسر بأهلك } ، قيل : كان لوط وابنتيه { بقطع من الليل } ، قيل : بطائفة ، وقيل : نصف الليل { ولا يلتفت منكم أحدٌ } قيل : لا ينظر ، وقيل : لا يلتفت منكم أحد إلى ماله وأهله { إلا امرأتك } روي أنه أمر أن يخليها مع قومها ، وروي أنه أخرجها معهم وأمر أن لا يلتفت منكم أحدٌ إلاَّ هي ، فلما سمعت هدّة العذاب التفتت فقالت : يا قوماه فأدركها حجر فقتلها ، وروي أن لوطاً قال لجبريل ( عليه السلام ) : عجل هلاكهم ، قال : { إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب } { فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها } جعل جبريل جناحه في أسفلها ثم رفعها إلى السماء حتى سمع أهل السماء نباح الكلاب وصياح الديكة ثم قلبها واتبعوا الحجارة من فوقهم { من سجيل } ، قيل : من جهنم ، وقيل : من الطين { منضود } يتتابع { مسوَّمة } ، قيل : مكتوب على كل حجر إسم من يرمي به ، وقيل : مرسلة .