Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 36-42)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ودخل معه السجن فتيان } وفيه إضمار رأي دخل يوسف السجن ودخل معه فتيان { قال أحدهما إني أراني } يعني في المنام { أعصر خمراً } يعني عنباً { نبئنا بتأويله } أي أخبرنا تأويله وما يؤل اليه أمر هذه الرؤيا { إنا نراك من المحسنين } من الذين يحسنون عبارة الرؤيا ، وروي أنه كان إذا مرض رجل منهم أدام عليه ، وإذا ضاق أوسع عليه ، وإذا احتاج جمع له ، قوله تعالى : { قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله } وهو الاخبار بالغيب ويقول اليوم : { يأتيكما } طعام من صفته كيت وكيت فيجدونه كما أخبرهما ، وجعل ذلك تخلصاً الى أن يذكر لهما التوحيد ويعرض لهما الايمان ويزينه ويقبح لهما الشرك بالله { ذلكما مما علمني ربي } يعني ذلك التأويل والاخبار بالغيب { مما علمني ربي } أوحى إليّ { إني تركت } أي رغبت وليس المعنى أنه كان معطاه فتركه { واتبعت ملة آبائي ابراهيم واسحاق ويعقوب } الآية يعني { ذلك } التوحيد { من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون } أي على الرسل وعلى المرسل إليهم لا ينهوهم عليه وأرشدوهم اليه ولكن أكثر الناس لا يشكرون هذه النعمة ، قوله تعالى : { يا صاحبي السجن } سمّاهما بذلك لأنهما في السجن { أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار } يعني عبادة واحد حي قادر أم عبادة أحجار وخشب لا تقدر ولا تحيي والقهار القادر الذي لا يمتنع عليه شيء { ما تعبدون من دونه } خطاب لهما ولمن كان على دينهما من أهل مصر { إلاَّ أسماء سميتموها } يعني أنتم سميتم ما لم تستحق الإِلهيَّة آلهة ، وتسميتكم الأوثان آلهة لا تصح وهذه التسمية صدرت منكم ومن آبائكم ولا حقيقة لها { ما أنزل الله بها من سلطان } أي حجة { إن الحكم إلاَّ لله } أي الحكم على العباد في الأمر والنهي وقد أمركم { أن لا تعبدوا إلاَّ إيَّاه ذلك } يعني التوحيد والعدل وعبادة الله لا غيره { الدين القيم } المستقيم { ولكن أكثر الناس لا يعلمون } لجهلهم ثم عبر رؤياهما فقال : { يا صاحبي السجن اما أحدكما فيسقي ربه خمراً } ، قيل : للساقي تقف في السجن ثلاثة أيام ثم يخرجك الملك وتعود إلى ما كنت عليه ، ومعنى ربه أي مالكه وسيده لأنه كان عبده ، قوله تعالى : { وأما الآخر } وهو صاحب الطعام { فيصلب فتأكل الطير من رأسه } ، وقيل : الذي أخبره بالصلب قال : ما رأيت شيئاً قال يوسف : { قضي الأمر } وروي أنهما قالا ما رأينا شيئاً فقال يوسف ( عليه السلام ) : { قضي الأمر الذي فيه تستفتيان } يعني فرغ من الأمر الذي تسألان وتطلبان معرفته ، نزل بكما ما قلتُ ، وقيل : وقع الأمر ، وإنما قاله عن وحي { وقال للذي ظنَّ أنه ناج منهما } الظان هو يوسف ( عليه السلام ) ، وقيل : الظن يرجع الى الناجي ، ومعنى ناج أي يتخلص من السجن { اذكرني عند ربك } أي اذكر صفتي عند الملك وقصّ عليه قصّتي لعله يرحمني { فأنساه الشيطان ذكر ربه } يعني أنسى الشيطان يوسف ذكر الله في تلك الحال فاستغاث بالمخلوف ، وقيل : أنسى الشيطان الساقي ذكر يوسف عند الملك فلم يذكره { فلبث في السجن } أي مكث وبقي فيه { بضع سنين } ، قيل : اثني عشر سنة ، وقيل : سبع سنين ، وقيل : قبلها خمس وبعدها سبع سنين ، وعن الحسن : أنه كان يبكي إذا قرأها ويقول : نحن إذا نزل بنا أمر فزعنا إلى الناس ، ثم بيَّن تعالى أنه لما قرب الفرج ليوسف ( عليه السلام ) رأى ملك مصر الريان بن الوليد رؤيا عجيبة هائلة .