Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 18-22)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ مثل الذين كفروا بربهم } أي مثل { أعمالهم كرماد } الخبر { اشتدت به الريح } أي حملته الريح عند هبوبها { في يوم عاصف } يقال : عصفت الريح إذا اشتدت { لا يقدرون } يوم القيامة من أعمالهم { مما كسبوا } من أعمالهم { على شيء } أي لا يرون له أثراً من الثواب كما لا يقدرون من الرماد المطير في الرياح على شيء { ذلك هو الضلال البعيد } إشارة إلى بعد ضلالتهم عن طريق الحق { ألم تر } أي ألم تعلم يا محمد أو أيها السامع { أن الله خلق السماوات والأرض بالحق } ، قيل : الحق هو الدين والعبادة يعني يعبدونه ، وقيل : خلقهما للجزاء يوم القيامة { ان يشأ يذهبكم } أي يهلككم أيها الكفار { ويأت بخلق جديد } سواكم من بني آدم أطوع منكم ، وقيل : من غير بني آدم ذكره في الغرائب والعجائب ومعنى الجديد القريب العهد ، قوله تعالى : { وما ذلك على الله بعزيز } أي ممتنع متعذر { وبرزوا لله جميعاً } أي وبرزوا لله يوم القيامة وإنما جيء بلفظ الماضي لأن ما أخبر به تعالى كأنه قد كان وَوُجِد لصدقه سبحانه ونحوه { ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار } ونظائر ذلك ، ومعنى بروزهم لله عز وجل والله سبحانه لا يتوارى عنه شيء حتى يبرزوا له ، إنهم كانوا يتوارون ويستترون عن العيون عند ارتكابهم الفواحش ويظنون أن ذلك خاف على الله تعالى ، فإذا كان يوم القيامة انكشفوا لله تعالى عند أنفسهم وعلموا أن الله لا يخفى عليه خافية ، وخرجوا من قبورهم فبرزوا لحساب الله وحكمه { فقال الضعفاء } هم الأتباع والعوام { للذين استكبروا } ساداتهم الذين صدوهم عن الاستماع للأنبياء وأتباعهم { انا كنا لكم تبعاً } تابعين لما قلتم { فهل أنتم مغنون عنا } دافعون عنا العذاب الذي نزل بنا { قالوا } يعني القادة للاتباع { لو هدانا الله لهديناكم } أي لو خلصنا الله من العذاب وأدخلنا الجنة للثواب لهديناكم لخلصناكم من العذاب لكن لا مطمع فيه لنا ولكم { سواء علينا أجزعنا أم صبرنا } روي أن أهل النار يقولون : تعالوا نجزع ، فيجزعون خمس مائة عام فلا ينفعهم ، فيقولون : تعالوا نصبر ، فيصبرون كذلك فلا ينفعهم فيقولون : سواء علينا أجزعنا أم صبرنا { ما لنا من محيص } أي منجا ومهرب { وقال الشيطان لما قضي الأمر } هو إبليس ، وقوله لما قضي الأمر قطع وفرغ منه وهو الحساب بين الخلائق ، قيل : إنما يقول ذلك عند وصول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ، وروي أن الشيطان عند ذلك يقوم خطيباً في الأشقياء من الجن والانس فيقول : { إن الله وعدكم وعد الحق } وهو البعث والجزاء على الأعمال فوفى لكم بما وعدكم { ووعدتكم } خلاف ذلك { فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان } أي من تسليط وقهر فأقسركم على الكفر والمعاصي وألجئكم إليها { إلا أن دعوتكم } أي إلاَّ دعائي إياكم إلى الضلالة بوسوستي وتزييني ولم يكن لي عليكم قدرة غير ذلك { فلا تلوموني ولوموا أنفسكم } حيث اغتررتم وأطعتموني إذ دعوتكم ولم تطيعوا ربكم إذ دعاكم ، هذا دليل على أن الانسان هو الذي يختار الشقاوة أو السعادة ويحصلهما لنفسه ، وليس من الله تعالى إلاَّ التمكين ولا من الشيطان إلاَّ التزيين ، ولو كان الأمر كما تزعم المجبرة لقال : فلا تلوموني ولا أنفسكم فإن الله قضى عليكم الكفر وأجبركم عليه ، تعالى الله عن ذلك { ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي } يعني لا ينجي بعضنا بعضاً من عذاب الله ولا يغيثه ، والإِصراخ : الإِغاثة { إني كفرت بما أشركتمون } الآن بإشراككم إياي { من قبل } هذا اليوم وهو يوم القيامة مثل قوله تعالى : { ويوم القيامة يكفرون } بشرككم .