Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 29-36)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وقل } يا محمد لهؤلاء الكفرة هذا الذي تلوته عليكم هو { الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } تهديد ليس بإباحة وتخير أي أظهر الحق فمن تبعه نجا ومن خالفه هلك ، والمعنى جاء الحق وانزاحت العلل فلم إلا اختاروا لأنفسكم ما شئتم أما طريق النجاة أو طريق الهلاك { إنا أعتدنا } هيّأنا { للظالمين } ، قيل : العاصين { ناراً أحاط بهم سرادقها } ، قيل : حائط من نار يطبق بهم ، وقيل : سرادقها دخانها ولهبها ، وقيل : أراد النار تحيط بهم من جوانبهم ، قوله تعالى : { وإن يستغيثوا } من شدة العطش وحرّ النار { يغاثوا بماء كالمهل } ، قيل : كلما أذيب ، وقيل : أراد الرصاص والنحاس والصفر ، وقيل : هو القيح والدم ، وقيل : ما اسوّد وجهنم سوداء وأهلها سود { يشوي الوجوه } إذا قرب من الوجوه شوت لحومهم وسقطت جلودهم { بئس الشراب } ذلك المذكور { وساءت مرتفقاً } متكأ ، وقيل : منزلاً ، وقيل : مقراً ، وقيل : مجلساً ولما تقدم الوعيد عقبه بذكر الوعد على عادته فقال تعالى : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات } يعني ما أوجب عليهم من الطاعات ، { إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملاً } على إحسانه وتوفيقه أجره من غير بخسٍ ، ثم بيّن ذلك الأجر فقال سبحانه : { أولئك لهم جنات } أي بساتين { عدن } ، قيل : جنات الخلد عن أبي علي لأن العدن هو الإِقامة ، وقيل : العدن اسم من أسماء الجنة ، وقيل العدن أحد الجنان الأربع { تجري من تحتهم الأنهار } أي من تحت أبنيتها { يحلّون فيها } أي يزينون { فيها من أساور من ذهب } على كل واحد ثلاثة أساور واحد من فضة وواحد من ذهب وواحد من لؤلؤ وياقوت { ويلبسون ثياباً خضراً من سندس وإستبرق } قيل : السندس ما رقّ من الديباج ، والاستبرق ما غلظ { متكئين فيها على الأرائك } ، قيل : على السرر في الحجال ، وقيل : على الفرش في الحجال { نعم الثواب } نعم الجزاء { وحسنت مرتفقاً } ، قيل : مجلساً ومكاناً ، وقيل : مجالسة النبيين والصديقين كقوله : { وحسن أولئك رفيقاً } [ النساء : 69 ] حكاه الأصم ، ثم ضرب الله مثلاً للفريقين الذين تقدم ذكرهم فقال سبحانه : { واضرب لهم مثلاً } أي لمن تقدم ذكرهم ، أي مثل حال الكافرين والمؤمنين بحال { رجلين } أخوين من بني إسرائيل وكان أحدهما كافر اسمه قطروس والآخر مؤمن اسمه يهوذا ، وقيل : هما المذكوران في سورة الصافات في قوله : { إني كان لي قرين } [ الصافات : 51 ] ، ورثا من أبيهما ثمانية آلاف دينار فاشترى الكافر أرضاً بألف دينار ، فقال له المؤمن : اللهم ان أخي اشترى أرضاً بألف دينار وأنا أشتري أرضاً في الجنة بألف وتصدق به ، ثم اشترى أخوه داراً بألف ، فقال : اللهم إني أشتري منك داراً في الجنة بألف فتصدق ، وتزوج امرأة بألف ، فقال : اللهم اني جعلت ألفاً صداق للحور العين ، ثم اشترى أخوه خدماً ومتاعاً بألف ، فقال : اللهم إني أشتري منك الولدان المخلدون بألف فتصدق به ، ثم أصابه حاجة فجلس لأخيه على طريقه فمرّ به فتعرض له فطرده ووبّخه على التصدق بماله { وحففناهما بنخل } جعلنا النخل محيطاً بالجنتين { وجعلنا بينهما زرعاً } ، قيل : حول الأعناب الزرع ووسطه الزرع ، وقيل : بين الجنتين الزرع { كلتا الجنتين } كل واحدة منهما { آتت } أعطت { أكلها } ثمرها { ولم تظلم منه شيئاً } لم تنقص { وفجّرنا } شققنا { خلالهما } وسطهما يعني وسط الجنتين { نهراً } يجري فيه الماء { وكان له ثمر } أي للرجل الكافر ثمر من النخل الذي فيه ، وقيل : ذهب وفضة ، وقيل : مستوف الأموال { فقال } الكافر { لصاحبه } المؤمن { وهو يحاوره } يخاطبه { أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً } ، قيل : عشيرة ورهطاً ، وقيل : خدماً ، وقيل : ولداً { ودخل جنته } يعني الكافر { وهو ظالم لنفسه } بكفره { قال ما أظن أن تبيد هذه أبداً } ، قيل : أراد ما دمت حيَّاً ، وقيل : توهم { ومآ أظنُّ الساعة قائمة } آتية { ولئن رددت إلى ربي } أي صرت اليه في المعاد { لأجدن خيراً منها منقلباً } أي منزلاً ومرجعاً ، ومتى قيل : كيف صحّ قوله ولئن رددت الى ربي مع أنه كافر ؟ قيل : معناه ولئن رددت إلى ربي كما زعمت .