Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 57-61)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه } هذا استفهام والمراد التقرير ، يعني ليس أحد أظلم ممن ذكر بآيات ربه ، قيل : بالقرآن ، وقيل : سائر حجج الله فأعرض عنها { ونسي ما قدمت يداه } من الذنوب { إنا جعلنا على قلوبهم أكنّة أن يفقهوه } أغطية ، وقوله : أن يفقهوه : يعلموه { وفي آذانهم وقرا } وهذا على وجه التشبيه أي أعرضوا عن الدين إعراض من جعل على قلبه أكنَّة وكان في أذنيه وقرا ، وقيل : المراد بالأكنة والوقر الختم ، علامة يجعلها على قلب الكافر لتميزه الملائكة { وان تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذاً أبداً } أي لا يقبلون الحق { وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم } يعاقبهم { بما كسبوا } من الذنوب { لعجّل لهم العذاب } في الدنيا { بل لهم موعد } وهو القيامة إذا بعثوا { لن يجدوا من دونه موئلاً } يعني ملجأ ، وقيل : منجا ، ومتى قيل : وما معنى قوله : { وربك الغفور ذو الرحمة } ؟ قالوا : غفوراً لذنب التائب ، ذو الرحمة للمصرّ يمهل ولا يعاجل ، وقيل : غفور يستر عليهم ، ذو الرحمة منعم عليهم بالنعم ، وقيل : غفور لا يؤاخذهم عاجلاً وبالرحمة يؤخرهم ليتوبوا ويقبل توبتهم { وتلك القرى } إشارة إلى القرى التي تنزل بهم العذاب { أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعداً } أي أجلاً وميقاتاً ، والأجل : الوقت الذي وعدوا فيه بالإِهلاك ، أي كما جعلنا لأولئك موعداً أأخذناهم اليه للمصلحة التي علمنا كذلك هؤلاء ، ثم ذكر قصة موسى ( عليه السلام ) فقال سبحانه : { وإذ قال موسى لفتاه } ، قيل : عبده ، وقيل : يوشع بن نون لأنه كان يحدثه ويتبعه ، وقيل : كان يأخذ منه العلم { لا أبرح حتى أبلغ } يعني لا أبرح أسير { حتى أبلغ مجمع البحرين } وهو المكان الذي وعد فيه موسى لقاء الخضر ، ( عليهما السلام ) وهو ملتقى بحر فارس والروم مما يلي المشرق ، أو أسر زماناً طويلاً ، والحقب : ثمانون سنة ، تدل الآية على أن موسى ( عليه السلام ) سافر لمرض واختلفوا في سنّه ، روي أنه لما ظهر موسى ( عليه السلام ) على مصر مع بني إسرائيل واستقروا بها بعد هلاك القبط أمره الله أن يذكر قومه النعمة فقام فيهم خطيباً فذكرهم الله وقال : إنه اصطفا نبيكم وكلّمه ، فقالوا له : قد علمنا ذلك فأي الناس أعلم ؟ قال : أنا ، فعتب الله عليه حيث لم يردّ العلم إلى الله فأوحى إليه بل أعلم منك عبدٌ لي عند مجمع البحرين وهو الخضر ( عليه السلام ) ، وروي أن موسى سأل ربه : أي عبادك أحب إليك ؟ قال : الذي يذكرني ولا ينساني ، قال : فأي عبادك أقضى ؟ قال : الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى ، قال : فأي عبادك أعلم ؟ قال : الذي يبتغي علم الناس إلى علم نفسه عسى أن يصيب كلمة تدله على هدى وترده عن ردى ، فقال : إن كان في عبادك من هو أعلم مني فادللني عليه ، قال : أعلم منك الخضر ، قال : أين أطلبه ؟ قال : على الساحل عند الصخرة ، قال : يا رب كيف لي به ؟ قال : تأخذ حوتاً في مكتل فحيث فقدته فهو هناك ، فقال لفتاه : إذا فقدت الحوت فاخبرني ، فذهبا يمشيان حتى بلغا البحر فرقد موسى فاضطرب الحوت فوقع في البحر ، فلما جاء وقت الغداء طلب موسى الحوت فأخبره فتاه بوقوعه في البحر ، فأتيا الصخرة فإذا رجل متسجي بثوبه فسلم عليه ، وقيل : رآه على طنفسة خضراء فسلم عليه ، فقال : وعليك السلام يا نبي بني اسرائيل ، فقال له موسى : وما أدراك أني نبي ، قال : من ذلك عليَّ ، وقيل : وصل إليه وهو يصلي فلما صلاَّ تحدثا ، فقال : يا موسى أنا على علم علّمْنيه الله لا تعلمه أنت ، وأنت على علم لا أعلمه أنا ، فلما ركبا في السفينة جاء عصفور فوقع فنقر في الماء ، فقال الخضر : ما نقص علمي وعلمك مقدار ما أخذ هذا العصفور من البحر ، وقيل : كانت سمكة مملوحة ، وقيل : أن يوشع حمل الحوت والخبز في المكتل فنزلا على عين تسمى عين الحياة ، فلما نام موسى أصاب السمكة روح الماء وبرده فعاشت ، وروي أنهما أكلا منها ، وروي أن يوشع توضأ من تلك العين فانفض الماء على الحوت فعاش ، قيل : تركاه ، وقيل : نسياه من النسيان ، ومتى قيل : كيف نسياه والحوت مع يوشع ؟ قالوا : كما يقال نسي القوم زادهم ، وإنما نسي واحد ، ويقال : نسي يوشع حمل الحوت ، ونسي موسى أن يذكره { فاتخذ سبيله في البحر سرباً } أي مسلكاً يذهب فيه ، قيل : قاما عند الصخرة فاضطرب السمك وخرجت من المكتل وسقطت في البحر ، فلما استيقظ موسى من نومه نسي صاحبه أن يخبره به .