Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 83-98)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ألم تر أنَّا أرسلنا الشياطين على الكافرين } ، قيل : أراد خلّينا بينهم وبين الشياطين إذا وسوسوا اليهم ودعوهم إلى الضلال وهذا مجاز كما يقال خلا بين الكلب وبين غيره ، أرسل كلبك عليه { تؤزهم أزاً } ، قيل : تزعجهم إزعاجاً من الطاعة إلى المعصيَّة ، وقيل : تأمرهم بالمعاصي ، ويقال : أزّه على كذا إذا غراه به ، وأزرت الشيء إلى الشيء ضممته اليه ، وأزعجه أزّه أزاً إذا هزّه بالازعاج { فلا تعجل عليهم } ، قيل : لا تعجل بإهلاكهم فإن لهم أمداً { إنما نعد لهم عداً } والله تعالى يعد أيامهم عدَّاً { يوم نُحشر المتّقين } يعني يوم القيامة { إلى الرحمان } إلى حيث لا يملك سواه ، وقيل : إلى ثواب جنته { وفداً } ، قيل : جماعات ، وقيل : ركاباً ، وقيل : يأتون بنوق لم يُر مثلها { ونسوق المجرمين } ، قيل : المكذبين { إلى جهنم ورداً } ، قيل : عطاشاً لأن من يرد الماء لا يرد إلاَّ للعطش { لا يملكون الشفاعة } يعني هؤلاء الكفار { وإلاَّ } استثناء { من اتخذ عند الرحمان عهداً } ، قيل : العهد الاعتقاد للتوحيد والاخلاص ، " وعن ابن مسعود أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لأصحابه ذات يوم : " أيعجز أحدكم أن يتخذ عند الله كل صباح ومساء عهداً " قالوا : وكيف ذلك ؟ قال : " تقول كل صباح ومساء : اللهم فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، إني أعهد اليك أني أشهد أن لا إله إلاَّ أنت وحدك لا شريك لك ، وأن محمَّداً عبدك ورسولك ، وإنك ان تكلني إلى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير ، وإني لا أثق إلاَّ برحمتك ، فاجعل لي عندك عهداً توفينيه يوم القيامة ، إنك لا تخلف الميعاد ، فإذا قال ذلك طبع الله عليه بطابع ووضع تحت العرش ، فإذا كان يوم القيامة نادى منادي أين الذين لهم عند الله عهداً فيدخلون الجنة لا يشفع إلا المأمور بالشفاعة المأذون له " . وقيل : عملاً صالحاً ، وقيل : أن يشهد أن لا إله إلا الله { وقالوا اتخذ الرحمان ولداً } يعني اليهود والنصارى ومشركي العرب جعلوا لله ولداً { لقد جئتم شيئاً إدَّا } ، قيل : منكراً عظيماً ، وقيل : قطيعاً { تكاد } كلمة وضعت للقرب دون الوقوع { السماوات يتفطّرن } يتشققن من قولهم وهذا مجاز { منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً } ، قيل : أراد استعظاماً للكلمة وتهويلاً ، وقيل : أن الله سبحانه يقول : كدت أفعل بالسماوات والأرض عند وجود هذه الكلمة غضباً مني على من تفوه بها لولا حلمي وإني لا أعجل بالعقود روي ذلك في الكشاف ، وهذا مجاز ومعناه لو تنفطر السماوات والأرض لشيء عظيم لكانت تنفطر من هذا العظيم ما قالوا ، وقيل : تكاد القيامة تقوم وتنشق السماء والأرض لعظم قولهم لكن لها أمد لا يقيمها إلا عند ذلك { أن دعوا للرحمان ولداً } يعني أن هذه الأشياء لو كانت إنما تكون لأجل ادعائهم أن للرحمان ولداً لأن إثبات الولد يقتضي حدوثه وخروجه من صفات الإلهية ، ثم نفى ذلك عن نفسه غاية النفي فقال سبحانه : { وما ينبغي للرحمان أن يتخذ ولداً } أي ليس من صفات الرحمان اتخاذ الولد ، ثم دل عليه بما بيَّن أن الولد من صفات المحدثين والله قديم ملك جميع الأشياء فكيف يليق به الولد ؟ ! فقال سبحانه : { إن كل من في السماوات والأرض } يعني الخلق من الجن والإِنس والملائكة { إلاَّ آتي الرحمان عبداً } أي يأتون ويقرّون على أنفسهم فكلهم عبيده { لقد أحصاهم وعدّهم عدَّا } فلا يخفى عليه شيء منهم ولا من أعمالهم { وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً } بعلمه ليس معه شيء من الدنيا ، وقيل : ليس معه عون وناصر وولد ، ثم بيَّن تعالى ذكر الوعد بعد تقديم الوعيد فقال سبحانه : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات } الآية نزلت في علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ذكره الحاكم ، فما من مؤمن إلاَّ ولعلي في قلبه محبة عن ابن عباس { سيجعل لهم الرحمان وداً } ، قيل : في الدنيا ، وقيل : في الآخرة ، وقيل : محبة الملائكة في السماء والإِنس والجن في الأرض ، وقيل : هو عام { فإنما يسرناه بلسانك } وهي بلغة العرب { لتبشر به المتقين وتنذر به قوماً لداً } ، قيل : شداد في الخصومة ، وقيل : صماً ، وقيل : الألد الظالم { وكم أهلكنا قبلهم } ، قيل : هؤلاء الكفار { من قرن } من أمة { هل تحسّ } ، قيل : ترى ، وقيل : تجد { منهم من أحدٍ أو تسمع لهم ركزاً } والركز الصوت الخفي وأصل الركز الحس ، وقيل : إنهم ينسون فلا يذكرون ، نتلو ذلك الكلام في سورة طه والله الميسر والمعين .