Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 96-102)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قل من كان عدوا لجبريل } الآية ، قيل : " ان حبراً من أحبار اليهود يقال له عبد الله بن صوريا من فدك جاء الى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يسأله عن أشياء فلما اتجهت الحجة عليه قال اي ملك يأتيك من السماء قال له النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " جبريل " . قال : ذلك عدونا من الملائكة فلو كان ميكايل مكانه لآمنا بك " هذا عن ابن عباس ، فإن جبريل ينزل علينا بالعذاب والشدة ، ويطلع محمد على أسرارنا ، وهو صاحب كل خسف ، وقيل : نزلت في اليهود وذلك انهم قالوا : ان جبريل عدونا اُمر ان يجعل النبوة فينا فجعلها في غيرنا ، وميكايل يجيء بالخصب والسلام ، فقالَ لهم : وما منزلتهما من الله ؟ قالوا : أقرب منزلة جبريل عن يمينه ، وميكايل عن يساره وميكايل عدوّ لجبريل فقال لهم عمر : لئن كان كما تقولون لأنتم اكفر من الحمير ، من كان عدوّاً لأحدهما كان عدوّاً للآخر ، ومن كان عدوّاً لهما كان عدوّاً لله . { من كان عدوا لله } الآية معنى ذلك " أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سأله اليهود : من الذي يأتيه ؟ فقال لهم : " جبريل " فقالوا له : نحن أعداء جبريل وهو عدوّنا لأنه لا ينزل عليك الا بالابطال لأمرنا " ، ومعنى { عدوّ للكافرين } فإنه مهلكهم ومحريهم ، ومعنى ميكايل فانهم سألوا : من اين يأخذ جبريل الوحي ؟ فقال : من ميكايل فقالوا : وهو ايضاً عدونا . { ولقد أنزلنا إليك آيات بينات } الآية ، نزلت في اليهود ، وقيل نزلت في عبد الله بن صوريا ، قيل : قال للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فيما كان بينهما من المحاجَّة وفي حديث جبريل ( عليه السلام ) : ما جئتنا بشيء نعرفه ، وما انزل عليك من آية بينة فنتعبك ، فنزلت الآية { ولقد أنزلنا إليك } يا محمد . { آيات } معجزات قيل : القرآن ، وقيل : علم التوراة والانجيل ، كما قال تعالى : { يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب } [ المائدة : 15 ] . { وما يكفر بها إلا الفاسقون } المتمردون في كفرهم . { وكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم } نزلت في بني قريظة ، عاهدوا النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عهوداً منها ان لا يعينوا عليه الكفار ثم نقضوا العهد يوم الخندق ، واعانوا قريشاً وارادوا ان يلقوا عليه حجراً ، فاخبر الله تعالى بذلك ، { نبذ فريق } هذا مثل لمن يستخف الشيء والعمل به ، والنبذ هو الطرح ، وقيل : نبذوا العمل به ، ولم يحلوا حلاله ، ولا حرموا حرامه . { كأنهم لا يعلمون } انه كتاب الله تعالى . { واتبعوا ما تتلوا الشياطين } أي نبذوا كتاب الله ، واتبعوا ما تتلوا الشياطين يعني اتبعوا كتب السحرة التي كانوا يقرؤونها . { على ملك سليمان } أي على عهد ملكه في زمانه ، وذلك ان الشياطين كانوا يسترقون السمع ثم يضمُّون الى ما سمعوا أكاذيب ، ويلقونها الى الكهنة ، وقد دونوها في كتب يقرؤونها ، ويعلمونها الناس ، وفشا ذلك في زمن سليمان حتى قالوا : ان الجن تعلم الغيب ، وكانوا يقولون : هذا علم سليمان ، وما تم لسليمان ملكه الاّ بهذا العلم ، وبه يسحر الانس والجن والرياح { وما كفر سليمان } تكذيب للشياطين . { ولكن الشياطين كفروا } باستعمال السحر . { يعلمون الناس السحر } ويقصدون به اغواءهم وإضلالهم . { وما أنزل على الملكين } عطف على السحر ، أي يعلمونهم ما انزل الله على الملكين . { ببابل هاروت وماروت } عطف بيان للملكين والذي انزل عليهما هو علم السحر ، ابتلاء من الله للناس من تعلمه منهم وعمل به كان كافراً ، ومن تجنبه أو تعلمه لا ليعمل به ولكن ليتوقاه وان لا يعتريه كان مؤمناً ، قال الشاعر : @ عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيهِ ومن لم يعرف الشر من الخير يقع فيه @@ روى ذلك جار الله وقرأ الحسن الملِكين بكسر اللام ، وهو ايضاً قراءة ابن عباس ، وقال ابن عباس : وهما رجلان ساحران كانا ببابل لأن الناس لا يعلمون الناس السحر ، وقيل : انهما نزلا ليعلمان الناس كيفية السحر وابطاله ، لانك لا تعلم بابطال الشيء مهما لم تعلمه في نفسه . { ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم } دليل على انهم استعملوه على خلاف ما أُمِروا به من تعليمه ، وقد روي في سبب نزولهما وجوه : أحدها : ان السحر كثر في زمن ادريس واستنبطت ابوابا غريبَة ، فأنزل الله تعالى ملكين يعلمان الناس السحر ، وقد قيل : ان ما نافية . { ولقد علموا لمن اشتراه } بمعنى علم هؤلاء اليهود لمن اشتراه ، أي استبدل ما تتلوا الشياطين على كتاب الله تعالى . { ما له في الآخرة من خلاق } اي من نصيب ، وقيل : من وجه عند الله ، وقيل : كذا عن دين . { ولبئس ما شروا به أنفسهم } أي باعوها . { لو كانوا يعلمون } اي ثواب الله خير مما هم فيه ، ولقد علموا لكنهم لجهلهم لترك العمل بالعلم كأنهم منسلخون عنه .