Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 92-98)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلّوا } { ألاَّ تتبعنِ } يعني هلاَّ تبعتني بمن أقام على إيمانه { أفعصيت أمري } فيما أمرتكم ، ويقال : ظاهر الآية أنه أمره باللحاق به ، وقيل : لم يأمره بذلك وأمره بمجاهدتهم وزجرهم من القبيح ، وكان أخاه من أمه وأبيه { لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي } وكان موسى ( عليه السلام ) رجلاً حديداً في كل شيء شديد الغضب لله ولدينه ، فلم يتمالك حتى رأى قومه يعبدون عجلاً من دون الله بعد ما رأوا الآيات العظام ، أن ألقي الألواح - التوراة - وأقبل على هارون فقبض على شعر رأس هارون وكان أقرع ، وعلى شعر وجهه يجرّه إليه ولما ظهر براءة هارون وبيَّن العذر علم أن الذنب للسامري ، أقبل عليه موبّخاً { فقال ما خطبك } أي ما شأنك وما دعاؤك ؟ { قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة } حين أرسل الله إلى موسى جبريل راكب حيزوم فرس الحياة ، فأبصره السامري فقال : إن لهذا شأن ، فقبض القبضة من تربة موطئة ، وقيل : كان معتاداً أن من قبض قبضة فألقاها على جماد فإنه يصير صواتاً { وكذلك سوّلت لي نفسي } ما لا حقيقة له ، وإنما صاغ عجلاً وجعل فيه خردقاً ، وروي أنه مرَّ به هارون وهو يصنع العجل فسأله ، فقال : شيء أفعله مصلحة أدع الله أن يتم ذلك ، فدعا له { قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس } أي ما دمت حياً لا تخالط أحداً ولا يخالطك ، وكان موسى ( عليه السلام ) أمر بني إسرائيل ألا يؤاكلوه ولا يخالطوه ، وقيل : حرم موسى مؤاكلته ومخالطته وذلك أنه عوقب في الدنيا بعقوبة لا شيء أعظم منها ، وقيل : ألقيت هذه الكلمة على لسانه وكان يغدو في الفيافي ويقول : { لا مساس وإن لك موعداً لن تخلفه } أي لن يخلفك الله موعده الذي وعدك إياه على الشرك والفساد ، ينجز ذلك في الآخرة بعدما عاقبك بذلك في الدنيا ، فأنت ممن خسر الدنيا والآخرة { ذلك هو الخسران المبين وانظر إلى إلهك } الذي اتَّخذته إلهاً وعكفت عليه { لنحرقنَّه بالنار ثم لننسفنّه في اليم نسفاً } في البحر ، وقيل : أحرق حتى صار رماداً ثم رماه في البحر ، وإنما فعل ذلك لإِزالة الشبهة من قلوب العامة { إنما إلهكم الله الذي لا إله إلاَّ هو وسع كل شيء علماً } يعني هو خالقكم والمنعم عليكم المستحق للعبادة ، هو الله الذي لا إله إلا هو ، وقوله : { وسع كل شيء علماً } أي يعلم كل شيء ، ثم ذكر تعالى من أنباء الرسل تسلية للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعقبه بالوعد والوعيد .