Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 99-112)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فقال سبحانه : { كذلك نقصُّ عليك من أنباء ما قد سبق } ، من أخبار الأمم المتقدمة { وقد آتيناك من لدنَّا ذكراً } يعني القرآن لأن فيه ذكر ما يحتاج إليه من أمر الدين { من أعرض عنه } من أدبر عن القرآن فلم يعمل بما فيه ولم يؤمن به { فإنه يحمل يوم القيامة وزراً } وأصله الثقل أي يشق عليه حمله لما فيه من العقوبة كما يشق حمل الثقيل { خالدين فيه } أي في عقابه وجزائه { وساء لهم يوم القيامة حملاً يوم ينفخ في الصور } جمع صورة يعني كل صور ينفخ فيه ، وقيل : هو قرن ينفخ فيه النفخة الثانية ليقوم الناس من قبورهم للجزاء { ونحشر المجرمين } المذنبين { يومئذ زرقاً } ، قيل : زرق العيون من شدة العطش ، وقيل : عُميا ، وقيل : سود الوجوه حمر العيون { يتخافتون بينهم } يتشاورون خفية وسراً يعني يكلم بعضهم إما للخوف وللحسرة أو لخوف الفضيحة { إن لبثتم } ، قيل : في الدنيا ، وقيل : في القبور { إلاَّ عشراً } ليالي من مدة ما يرون من ذلك اليوم ، قال جار الله : يستقصرون مدة لبثهم في الدنيا إما لما يعاينون من الشدائد التي تذكرهم أيام القيامة والسرور فيتأسفون عليها ويصفونها بالقصر لأن أيام السرور قصار ، وإمَّا لأنها ذهبت عليهم والذاهب وإن طالت مدته قصيرة { إذ يقول أمثلهم طريقة } أشبهَهُم بالعقل { إن لبثتم إلاَّ يوماً } ، قيل : قصر ذلك في أعينهم لما عاينوا العذاب ، وقيل : إلاَّ يوماً بعد انقطاع عذاب القبر عنهم ، ويعضده قوله تعالى { ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون } ثم بيَّن أن منكر البعث يسأل عن ذكر القيامة ما حالها ؟ فقال سبحانه : { ويسألونك عن الجبال فقل } يا محمد { ينسفها ربي نسفاً } فيجعلها كالرمل ثم يرسل عليها الرياح فتفرّقها { فيذرها } أي فيذر مفازها ومراكزها أن يجعل الضمير للأرض وإن لم يجرِ لها ذكر ، كقوله : { ما ترك على ظهرها من دابة } [ فاطر : 45 ] { قاعاً صفصفاً } المكان المستوي { لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً } وادياً ولا رابية ، والإِعوجاج ، الأودية ، والأمت : الارتفاع ، ثم بيَّن تعالى صفة القيامة فقال سبحانه : { يومئذ } أي يوم القيامة { يتبعون الداعي } أي ثم إذا … ويجوز أن يكون بدلاً بعد بدل ، والمراد بالداع إلى المحشر قالوا : هو إسرافيل قائماً على صخرة بيت المقدس ، يدعو الناس فينقلبون إليه من كل أوب إلى صوته لا يعدلون { لا عوج له } فيه أي لا عوج لدعاء الداعي ولا يعدل عن أحد بل يحشرهم جميعاً ، وقيل : من المقلوب أي لا عوج لهم من دعائه ، بل يتبعون سراعاً لا يلتفتون يميناً ولا شمالاً { وخشعت الأصوات } أي خضعت الأصوات { من شدة الفزع فلا تسمع إلاَّ همساً } وهو الذكر الخفي { يومئذ لا تنفع الشفاعة } يعني شفاعة الأنبياء والملائكة لأنهم لا يشفعون { إلاَّ من أذن له الرحمان } { يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم } يعني ما كان في حياتهم وبعد مماتهم لا يخفى عليه شيء من أمورهم تقدم أو تأخر ، وقيل : يعلم ما بين أيديهم من أحوال الآخرة وما خلفهم من أحوال الدنيا { ولا يحيطون } بمعلوماته { وعنت الوجه } المراد وجوه العصاة ، وأنهم إذا عاينوا يوم القيامة وسوء الحساب صارت وجوههم عانية أي ذليلة خاشعة { وقد خاب من حمل ظلماً } وكل من ظلم في جانب خائب { ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلماً ولا هضماً } يعني ظلماً بالزيادة في سيئاته ولا نقصان من حسناته { وكذلك أنزلناه قرآنا عربياً } بلسان العرب { وصرَّفنا فيه من الوعيد } كرَّرنا وأكّدنا { لعلَّهم يتقون } أي يتقون المعاصي والكبائر ، وقيل : يتقوا أفعال الأمم الماضية كيلا ينزل بهم ما نزل { أو يحدث لهم } القرآن { ذكراً } يعتبرون به ويتعظون .