Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 60-61)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ والقواعد من النساء } يعني التي قعدت من الحيض والولد لكبر { أن يضعن ثيابهن } واختلفوا في هذه الثياب فقيل : الرداء ، وقيل : الخمار والله أعلم { غير متبرجات بزينة } يعني أن يردن بموضع الحليات إظهار زينتهنّ { وأن يستعففن } يطلبن العفّة بلبس الجلابيب { خير لهنّ والله سميع عليم } ، لما تقدم الاستئذان والدخول عقبه ببيان المؤاكلة فقال سبحانه : { ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج } قيل : لما نزل قوله : { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } [ البقرة : 188 ] تحرج المسلمون من مؤاكلة الزمنى والعمي والمرضى والأعرج ، وقالوا : الأعمى لا يبصر ، والأعرج لا يستطيع المزاحمة على الطعام ، وقيل : نزلت في الأكل من بيوت الغزاة إذا خلفوهم في منازلهم ، وكانوا يخلفون الزمنى والعمي فيدفعون المفاتيح اليهم ، وعن ابن عباس قال : خرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) غازياً وخلف مالك بن زيد على أهله ، فلما رجع وجده مجهوداً ، فسأله فقال : تحرجت أن آكل طعامك بغير أمرك فنزلت الآية ، وفي جميع ما تقدم قولان : أحدهما رفع الحرج في المؤاكلة يعني لا حرج في مؤاكلة هؤلاء ، وقيل : لا ضيق عليكم في مؤاكلة الغزاة إذا خلفتم فيها بإذنهم ، وقيل : لا حرج عليهم في التخلف عن الجهاد ، والوجه الأول لأنه لم يذكر الجهاد هنا { ولا على أنفسكم } قيل : يتصل بما قبله ، وقيل : كان الرجل إذا وجد في بيته شيئاً لم يعلم من أين اكتسبه تحرج عن أكله فأباح له ذلك ، ثم رخص الأكل من بيوت عدة من الأقارب إلى قوله : { خالاتكم } ، وقيل : أباح الأكل من بيوت هؤلاء من غير إذن ، وقيل : ما جرت من العادة في أن يكون مثله مباحاً ، وكذلك عطف عليه الصديق والآية تدل على أن الآية في الأكل من بيوت هؤلاء ، وإنما المراد به مع الإِذن ، وفي الحديث : " لا يحل مال امرءٍ مسلم إلا بطيبة من نفسه " ، وقول من يقول : هو حكم ثابت فبعيد لأن مال الغير لا يحل { أو ما ملكتم مفاتحه } وهو أموال الرجال إذا كان لهم عليها وكيل يحفظها له فله أن يأكل من تمر بستانه ويشرب من لبن ماشيته ، وملك المفاتيح كونها في يده وحفظه ، وقيل : بيوت المماليك لأن مال العبد لمولاه { أو صديقكم } قال جار الله : فإن قلت : ما معنى : { أو صديقكم } ؟ قلتُ : معناه أو بيوت أصدقائكم ، والصديق يكون واحداً وجمعاً ، قيل : كان للرجل أن يدخل بيت صديقه ويأكل من طعامه من غير إذن ، وقيل : هو الصديق في الدين وكان الرجل منهم يدخل دار صديقه وهو غائب فيسأل جاريته كسبُه ، فيأخذ منه ما شاء ، فإذا حضر مولاها فأخبرته أعتقها مسروراً بذلك ، ويحكى عن الحسن أنه دخل داره فإذا حلقة من أصدقائه وقد استلوا سلالاً من تحت سريره فيها الخبيص وأطايب الأطعمة وهم مكبون عليها يأكلون منها ، فتهللت أسارير وجهه وضحك وقال : هكذا وجدناهم ، يريد كبراء الصحابة { ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعاً أو أشتاتاً } أي مجتمعين ومتفرقين ، والآية نزلت في بني ليث بن عمرو من كنانة كانوا يتحرجون أن يأكل الرجل وحده فربما قعد منتظراً نهاره إلى الليل ، فإن لم يجد من يؤاكله أكل ضرورة ، وقيل : في قوم من الأنصار كان إذا نزل بهم ضيف لا يأكلون إلا مع ضيفهم ، وقيل : تحرجوا عن الاجتماع على الطعام لاختلاف الناس في الأكل وزيادة بعضهم على بعض { فإذا دخلتم بيوتاً } من هذه البيوت لتأكلوا فابدأوا بالسلام على أهلها الذين هم منكم ديناً وقرابة { تحية من عند الله } أي ثابتة مشروعة ، ووصفها بالبركة والطيب لأنها دعوة مؤمن لمؤمن يرجى بها من الله زيادة الخير ، وعن أنس قال : " خدمت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عشر سنين فما قال لي لشيء فعلته : لِمَ فعلته ؟ ولا قال لي لشيء تركته : لِمَ تركته ؟ وكنت واقفاً على رأسه أصب الماء على يده ، فرفع رأسه وقال : " ألا أعلمك ثلاث خصال تنتفع بها ؟ " قلت : بلى بأبي وأمي يا رسول الله ، قال : " متى لقيت من أمتي أحداً فسلّم عليه يطل عمرك ، وإذا دخلت بيتك فسلّم على أهل بيتك يكثر خير بيتك ، وصلّ صلاة الضحى فإنها صلاة الأبرار الأوابين " ، وقال : " إن لم يكن في البيت أحد فليقل السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، السلام على أهل البيت ورحمة الله وبركاته " ، وعن ابن عباس : إذا دخلت المسجد فقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، وقيل : إذا دخلتم بيوتكم فسلموا على أنفسكم وعيالكم .