Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 15-24)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قل أذلك خير أم جنّة الخلد } ، قال جار الله : الراجع إلى الموصولين محذوف ، يعني وعدها المتّقون وما يشاؤونه ، وإنما قيل : كانت لأن ما وعده الله فهو في تحققه كأنه قد كان ، يعني الجنة قد كانت للمتقين جزاء على أعمالهم ومصيراً يصيرون إليها ، أو كان مكتوباً في اللوح مصيرهم { لهم فيها ما يشاؤون } من النعيم { خالدين كان على ربك وعداً } أي واجبٌ عليه لما استحقوه بطاعتهم وعدهم الله بذلك في الدنيا إن أطاعوه ولا يجوز عليه الخلف { مسؤولاً } يعني لهم أن يسألون ما وعدتهم ، وقيل : إنهم سألوه في الدنيا قالوا : { ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك } [ آل عمران : 194 ] ، وقيل : واجباً طلبه وقد سأله الملائكة والأنبياء من قولهم : { ربنا وأدخلهم جنّات عدن } { ويوم نحشرهم وما يعبدون من دون الله } ، قيل : هم المعبودون من الملائكة والمسيح وعزير ، وعن الكلبي : الأصنام ينطقها الله تعالى ، ويجوز أن يكون عاماً لهم فيقول الله تعالى لهؤلاء المعبودين : { أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء } المشركين { أم هم ضلّوا السبيل } ، قيل : طريق الجنة والنجاة وطريق الدين { قالوا } يعني المعبودين الملائكة والإِنس والأصنام { سبحانك } تنزيهاً لك عن الشرك { ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء } يعني ليس لنا أن نتولى أعدائك بل أنت وليّنا من دونهم { ولكن متعتهم وآباءهم } في الدنيا بالصحة والنعمة { حتى نسوا الذكر } القرآن فلم يعملوا به { وكانوا قوماً بوراً } أي هلكى ، قوله تعالى : { فقد كذبوكم بما تقولون } يعني كذبوكم الملائكة فكذبوكم انهم آلهة ، وقيل : كذبكم المشركون أيها المؤمنون بما تقولون من توحيد الله وعدله ونبوة محمد وغيره من الأنبياء { فما تستطيعون صرفاً ولا نصراً } يعني لا يَستطيعون صرف العذاب ولا نصر أنفسهم من البلاء الذي هم فيه { ومن يظلم منكم نذقه عذاباً كبيراً } أي عذاب جهنم { وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق } وهذا جواب لقولهم ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق { وجعلنا بعضكم لبعض فتنة } للعداوة إلى نبيكم ، والآية نزلت في أبي جهل بن هشام ، والوليد بن عقبة ، والعاص ، والنضر ، وذلك أنهم لما رأوا أبا ذر وابن مسعود وعمار وبلالاً وصهيب أسلموا قالوا : لم نسلم فنكون مثل هؤلاء { أتصبرون } والصبر على مشاق الأذى { وكان ربك بصيراً } ، قيل : بأعمال العباد { وقال الذين لا يرجون لقاءنا } ثواب الله على الطاعة ، وهذا عبارة على إنكارهم البعث : { لولا أنزل علينا الملائكة } فيخبرونا بأنك صادق { أو نرى ربنا } فيخبرنا بصحة ما جئت به { لقد استكبروا في أنفسهم } أي تعظّموا عن قبول الحق واتباع الرسول { وعتوا عتواً كبيراً } ، قيل : عتوا في القول ، والعتوّ شدة الكفر { يوم يرون الملائكة } ، قيل : عند الموت ، وقيل : يوم القيامة { لا بشرى يومئذ للمجرمين } يعني لا بشارة لهم بخير { ويقولون حجرا محجوراً } ، قيل : تقول لهم الملائكة البشرى حرام عليكم محرم ، وقيل : الجنة حرام عليكم لا تحريم بعد { وقدمنا إلى ما عملوا من عمل } ، قيل : قدمنا عهدنا ، وتقديره قصدنا قصد القادم على ما يكرهه ، وقيل : الملائكة وقت المحاسبة إذا رأوا أعمالهم ردوها عليهم فجعل قدوم الملائكة قدوماً له تفخيماً لشأنهم ، وقوله { إلى ما عملوا } ، قيل : ما عملوا لا يريدون به وجه الله ، وقيل : ما عملوا من أعمال البر ، وقيل : ما عملوا من عبادة غير الله وظنّوها طاعة { فجعلناه هباء منثوراً } ، قيل : الهباء الذي يرى في كوة البيت مع شعاع الشمس كالغبار ، وقيل : هو ما سقته الرياح وذرته من التراب ، وهذا مثل ، يعني يذهب أعمالهم باطلاً لا ينتفعون به من حيث عملوا لغير الله منثوراً مفرقاً .