Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 4-14)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وقال الذين كفروا إن هذا إلاَّ إفك } يعني القرآن { إلا إفك } كذب { افتراه } ، والآية نزلت في الحارث ، وقيل : في أبي جهل { وأعانه عليه قوم آخرون } ، قيل : اليهود ، وقيل : عداس مولى حويطب وأبو فكيهة ، وقيل : الذي قال ذلك النضر بن الحارث { فقد جاؤوا ظلماً وزوراً } كذباً { وقالوا أساطير الأولين } ما سطّره المتقدمون { اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلاً } ، قيل : صباحاً ومساءاً ، ثم بيَّن تعالى الرد عليهم في قولهم في القرآن ما تقدم فقال سبحانه : { قل } يا محمد { أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض } أي الغيب { إنه كان غفوراً رحيماً } { وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق } يلتمس المعاش كما نفعله نحن ، وقيل : يأكل ويمشي كما نفعل وهو بشر مثلنا { لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيراً } أي يصدقه ويدعو معه الحق { أو يلقى إليه كنز } ينفعه فلا يحتاج إلى طلب المعاش { أو تكون له جنة } بستان { يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً } لأنفسهم حيث أوبقوها وللرسول حيث كذبوه { إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً } قاله الرؤساء للأتباع ، قوله تعالى : { انظر } يا محمد { كيف ضربوا لك الأمثال } كيف شبّهوك ومثّلوك فيقولون ما قدمنا فضلوا عن الهدى { فلا يستطيعون سبيلاً } إلى الهدى ومخرجاً { تبارك الذي إن شاء جعل لك خيراً من ذلك جناتٍ تجري } خيرٌ مما قالوا ، يعني مما سألوا من الكنوز والجنان والأنهار { جنّات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصوراً } أي بيوتاً مشيّدة ، وقيل : منازلاً رفيعة ، وروي أنها لما نزلت هذه الآية أوحي إليه ان شئت أعطيتك خزائن الأرض ، فاختار الدار الآخرة ، ثم بيّن تعالى قولهم في الساعة وما أعد لهم بعد بيان قولهم في التوحيد والنبوات فقال سبحانه : { بل كذبوا بالساعة } يعني القيامة والبعث { واعتدنا لمن كذب بالساعة سعيراً } ، قيل : ناراً ملتهبة ، قال أبو علي ( رحمه الله ) : يحتمل ناراً يعذبون بها في قبورهم ، ويحتمل إذا كان يوم القيامة اعتدنا لهم سعيراً { إذا رأتهم } ، قيل : ظهرت لهم : { من مكان بعيدٍ } من مسيرة خمس مائة عام ، وقيل : انها تحت الأرض فتظهر على وجه الأرض { سمعوا لها } أي للنار { تغيّظاً وزفيراً } غلياناً وزفيراً ، ويجوز أن يراد إذا رأتهم زبانيتُها تغيظوا وزفروا غيظاً على الكفار { وإذا ألقوا منها مكاناً ضيقاً } الآية يتراضون فيه ، قال جار الله : ولقد جمع الله على أهل النار أنواع التضييق حيث ألقاهم في مكان ضيق يتراصون فيه تراصَّاً ، كما روي عن ابن عباس في تفسيره أنه يضيق عليهم كما يضيق الزج في الرمح ، وهم مع ذلك الضيق مسلسلون مقرنون في السلاسل قرنت أيديهم إلى أعناقهم في الجوامع ، وقيل : يقرن مع كل كافر شيطانه في سلسلة وفي أرجلهم الأصفاد ، والثبور الهلاك ، ودعاؤهم أن يقولوا : واثبوراه : أي يقولوا : يا ثبورنا فهذا حسبك وزمانك { لا تدعوا } أي يقال لهم ذلك ، أو هم أحقاء بأن يقال لهم وإن لم يكن ثمة قول { وادعوا ثبورا كثيراً } ، قيل : تجيبهم الملائكة : أنكم وقعتم فيها ليس ثبوركم واحداً إنما هو ثبوراً كثيراً ، اما لأن العذاب أنواع وألوان وكل نوع منها ثبوراً لشدّته وفظاعته ، أو لأنهم كلما نضجت جلودهم بدّلوا جلوداً غيرها فلا غاية لهلاكهم .