Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 20-25)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى } ، قيل : كان من شيعة موسى فسلك طريقاً قريباً فسبقهم إلى موسى وأخبره بالخبر وأنذره ، وقيل : هو من آل فرعون ، وقيل : اسمه شمعون ، وقيل : كان ابن عم فرعون فأقبل يسعى سريعاً لينذره فـ { قال يا موسى إن الملأ } أي الأشراف من قوم فرعون { يأتمرون بك } يتشاورون في قتلك { فاخرج } من أرض مصر { إني لك من الناصحين } في هذا ، ثم بيّن تعالى خروجه من مصر إلى مدين فقال سبحانه : { فخرج } موسى من المدينة { خائفاً } من قوم فرعون أن يأخذوه ويقتلوه بالقبطي { يترقب } ينتظر { قال رب نجني من القوم الظالمين } يعني من فرعون وقومه { ولما توجه تلقاء مدين } أي أقبل بوجهه على ناحية مدين قاصداً لها ، وقيل : لما خرج من مصر لم يدرِ أين يذهب فأخذ في طريق عنده أنها توديه إلى مدين وهي مدينة شعيب { قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل } يعني وسط الطريق ، وروي أن بين مصر ومدين مسيرة ثمان ، وكان موسى ( عليه السلام ) لا يعرف إليها الطريق قيل : لما دعا الله سبحانه دله على الطريق حتى ورد ماء مدين ، وقيل : جاءه ملك فانطلق به إلى مدين { ولما ورد ماء مدين } بئراً كانت { وجد عليها أمة من الناس يسقون } أي جماعة يسقون مواشيهم { ووجد من دونهم امرأتين تذودان } الناس عن مواشيهما ، وقيل : يكفان الغنم أن تختلط بأغنام الناس ، وقيل : يمنعان غنمهما عن الماء حتى يصدر الرعاء ويحلو لهما البئر ثم يسقيان وذلك لضعفهما ، قال الحاكم : وهو الوجه { قال } لهما موسى { ما خطبكما } أي ما شأنكما لا تسقيان مع الناس ؟ { قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير } أي هو لا يقدر أن يتولى ذلك بنفسه فإنا لا نختلط بالرجال ، وقيل : لا نطيق السقي ، فلما سمع موسى كلامهما رحمهما وسقى لهما غنمهما ، وروي أن الرعاة كانوا يضعون على رأس البئر حجراً لا يقلبه إلا سبعة رجال ، وقيل : عشرة : وقيل : أربعون ، وقيل : مائة فقلبه وحده ، وروي أنه سألهم دلو من الماء فأعطوه وقالوا : استق بها وكان لا ينزعها إلا أربعون فاستقى بها وصبّها في الحوض ودعا بالبركة ، وروي أنه دفعهم عن الماء حتى سقى لهما وإنما فعل هذا رغبة في المعروف وإغاثة للملهوف مع ما كان به من النصب والجزع { ثم تولّى إلى الظل } ، قيل : ظل شجرة { فقال رب إني لما أنزلت إليَّ من خير فقير } ، قيل : أدركه جوع شديد ، ويحتمل أن يريد أني محتاج إلى الدنيا لأجل ما أنزلت إليَّ من خير الدين وهو النجاة من الظالمين ، وروي أنهما لما رجعا إلى أبيهما قال لهما : ما أعجلكما ؟ قالتا : وجدنا رجلاً صالحاً رحمنا وسقى لنا ، قال لإِحداهما : إذهبي فادعيه لي ، فتبعها موسى وقال لها : امشي خلفي وانعتي لي الطريق ، وقوله تعالى : { تمشي على استحياء } من موسى ، وروي أنها كانت تمشي عادلة عن الطريق { فلما جاءه وقصّ عليه القصص قال لا تخف } سلطان فرعون في أرضنا { نجوت من القوم الظالمين } وقد روي أنها لما قالت : { ليجزيك أجر ما سقيت لنا } كره ذلك ولما قدم اليه الطعام امتنع وقال : إنا أهل بيت لا نبيع ديننا بطلاع الأرض ذهباً ولا نأخذ على المعروف ثمناً ، حتى قال شعيب : هذا عادتنا مع كل من نزل بنا .