Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 12-19)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وحرّمنا عليه المراضع } أي منعناه ، وقيل : كره اليه ألبان النسوان ، والمراضع جمع مرضع وهي المرأة التي ترضع { من قبل } قصصها أثره ، فلما رأت أخت موسى ذلك { قالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم } ، قوله تعالى : { وهم له ناصحون } يعني لموسى ، قال هامان : إنها لتعرفه وتعرف أهله ، فقالت : إنما أردت وهم للملك ناصحون ، والنصح : إخلاص العمل من شائب الفساد ، فانطلقت إلى أمها بأمرهم فجاءت بها والصبي على يد فرعون وهو يبكي ، فطلب الرضاع ، فحين وجد ريحها استأنس والتقم ثديها فقال فرعون : ومن أنت منه فقد أبى كل ثدي إلا ثديك ؟ قالت : امرأة طيبة الريح وطيبة اللبن لا أوتى بصبي إلا قبلني ، فدفعه إليها وأجرى عليها وذهبت به إلى بيتها وأنجز الله وعده في الرد { فرددناه إلى أمه كي تقرّ عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون } من تحقيق ذلك الوعد ، ثم بيّن تعالى حديث موسى بعدما شبّ سنة خروجه من مصر فقال سبحانه : { ولما بلغ أشدّه } ، قيل : كمال قوته في البدن والعقل ، وقيل : الأشدّ ثلاثون سنة ، وقيل : أربعون { واستوى آتيناه حكماً وعلماً } أعطيناه حكماً وعلماً قيل : النبوة والعلم ، وقيل : فهماً وعقلاً ، وقيل : هو علوم الشرائع { وكذلك نجزي المحسنين } { ودخل المدينة } يعني موسى دخل مدينة مصر ، وقيل : أرض مصر { على حين غفلة من أهلها } ، قيل : وقت القائلة ، وقيل : يوم عيد لهم قد اشتغلوا بلعبهم ، وقيل : بين المغرب والعشاء { فوجد فيها رجلين يقتتلان } ، قيل : كانت خصومتهما الدين وقيل : في أمر الدنيا { هذا من شيعته } ممن شايعه على دينه { وهذا من عدوه } كان كافراً { فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه } يعني الإِسرائيلي استغاث موسى على القبطي لأنه علم منزلته من بني إسرائيل ولم يعلم الناس إلاَّ من قبل الرضاعة فقال موسى للقبطي : خلي سبيله ، فقال : إنما أخذته ليحمل الحطب إلى مطبخ أبويك ، فتنازعا { فوكزه موسى } أي دفع في صدره بجميع كفه ، وقيل : الوكز بأطراف الأصابع { فقضى عليه } وروي أن موسى لم يتعمد لقتله ولكن قصد لتخليص المؤمن من يد الكافر ، وروي أنه لم يُبح قتل الكافر حينئذ { قال هذا من عمل الشيطان } أي من اغوائه ووسوسته { إنه عدو } لبني آدم { مضل } الكافر بوسوسته { مبين } ظاهر العداوة { قال رب إني ظلمت نفسي } ، قيل : كان ذلك صغيرة لزمه التوبة ، وقيل : ظلمت نفسي في هذا القتل فإنهم يقتلوني { فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم } { قال رب بما أنعمت علي } النعم ديناً ودنيا { فلن أكون ظهيراً للمجرمين } أي معيناً { فأصبح في المدينة } في اليوم الثاني { خائفاً } من قتل القبطي { يترقب } ينتظر الأخبار { فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه } وذلك أنه لما فشى أمر القتل قيل لفرعون : إن بني إسرائيل قتلوا منا رجلاً فقال : أتعرفون قاتله ؟ ومن شهد عليه ؟ وأمرهم أن يطلبوه ، فصاح بموسى فـ { قال له موسى إنك لغوي مبين } ظاهر الغواية ولم يرد أنه غويّ في الدين وإنما أراد من خاصم آل فرعون مع كفرهم فإنه غوي ، وقيل : بل قال للقبطي إنك لغوي مبين بطلبك وسخرك إياه ثم أراد موسى ( عليه السلام ) نصر الإِسرائيلي فقال سبحانه : { فلما أراد أن يبطش } أن يأخذ بشدة { بالذي هو عدوّ لهما } يعني القبطي فقال : { أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس ان تريد إلا أن تكون جباراً في الأرض } بالقتل والظلم { وما تريد أن تكون من المصلحين } فانطلق إلى فرعون وأخبره به وأمر فرعون بقتل موسى .