Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 36-45)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وإلى مدين أخاهم شعيباً } أي وأرسلنا إلى مدين أخاهم شعيباً ، قيل : مدين قرية ، والمراد أرسلنا إلى أهل مدين فكذبوا مدين شعيباً بعد ما أمرهم بالعدل والتوحيد { فقال يا قوم اعبدوا الله } وحدوه { وارجوا اليوم الآخر } واخشوا اليوم الآخرة وما فيه من العذاب { ولا تعثوا في الأرض مفسدين } أي لا تسعوا في الأرض بالفساد { فكذّبوه } بما به { فأخذتهم الرجفة } الزلزلة وعقاب يوم الظلة { فأصبحوا في دارهم جاثمين } قيل : كبوا على وجوههم هالكين ، وقيل : جاثمين على ركبهم في بيوتهم ، وقيل : صيحة جبريل لأن القلوب رجفت بها { في دارهم } بلدهم وأرضهم { جاثمين } باركين على الركب { وعاداً } هم قوم هود أي وأهلكنا عاداً { وثموداً وقد تبيّن لكم من مساكنهم } يعني ظهر لكم من آثارهم وبقايا دورهم وصنع الله بهم في إهلاكهم { وزيّن لهم الشيطان أعمالهم } أي بيّن لهم ما فيه من الضلال { فصدّهم عن السبيل } أي عن طريق الحق { وكانوا مستبصرين } قيل : كانوا عقلاء ذوو بصائر يمكنهم التمييز بين الحق والباطل { وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات } بالحجج الظاهرة { فاستكبروا في الأرض } عن قبول الحق { وما كانوا سابقين } فائتين من عذابنا { فكلاًّ أخذنا بذنبه } يعني ممن تقدم ذكرهم وأنهم أتوا في هلاكهم من جهة أنفسهم ، بذنبه أي عاقبنا بذنبه { فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا } قيل : هم قوم لوط ، وهي ريح عاصف فيها حصى ، وقيل : ملك يرميهم { الصيحة } لمدين وثمود { ومنهم من خسفنا } الخسف لقارون { ومنهم من أغرقنا } وهم قوم نوح وفرعون { وما كان الله ليظلمهم } أي يعذبهم بغير ذنب { ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } يكفرون { مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء } يعني من اتخذ الأصنام آلهة يرجو نصره والرجوع اليها عند الحاجة { كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً } لتسكنه فلم يغن عنها عند الحاجة ، فكما أن بيت العنكبوت لا تدفع حرّاً ولا برداً ولا ضراً ولا نفعاً كذلك الأوثان لا تملك لها ولا للعباد نفعاً ولا ضراً ولا خيراً { وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت } أضعفها { لو كانوا يعلمون } ذلك ولم يجهلوه { إن الله يعلم ما يدعون من دونه } هذا وعيدٌ منه تعالى ، يعني ما يعبدون هؤلاء الكفار ويتخذونه أرباباً من دون الله تعالى { وهو العزيز } القادر { الحكيم } الذي لا يفعل إلا الحكمة فأمهلهم لوجوه من الحكمة { وتلك الأمثال } في القرآن { نضربها للناس } أي الأشياء والأوصاف نبيّنها لهم لنعرفهم قبح ما هم فيه من عبادة غير الله { وما يعقلها إلا العالمون } قيل : العالمون بالتوحيد لا يعقل صحتها وحسنها إلا هم ، وعن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه تلا هذه الآية فقال : " العالم من عقل عن الله فعمل بطاعته واجتنب سخطه " ، ثم بيّن تعالى على أنه المستحق للعبادة فقال سبحانه : { خلق الله السماوات والأرض بالحق } لغرض صحيح { إن في ذلك لآية للمؤمنين } وخصَّهم بذلك لأنهم ينتفعون بها { اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة } يعني بلغ ما أوحي إليك من القرآن وأقم الصلاة { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } المعاصي الذي ينكرها العقل والشرع ، وعن ابن عباس وابن مسعود : الصلاة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، قيل : هي بمنزلة النواهي بالقول لأن فيها التكبير والتسبيح والقراءة { ولذكر الله أكبر } يعني دعاء الله وذكره أكبر من الصلاة ، وقيل : ذكر الله في الصلاة أكبر منه خارج الصلاة ، وعن ابن عباس : ولذكر الله إياكم برحمته أكبر من ذكركم إياه بطاعته { والله يعلم ما تصنعون } من الخير والطاعة فيثيبكم أحسن الثواب .