Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 139-144)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ولا تهنوا ولا تحزنوا } الآية نزلت يوم أُحُد تسلية من الله تعالى لرسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وللمؤمنين يعني لا تضعفوا عن الجهاد لما أصابكم ولا تحزنوا على من قتل منكم ، وأنتم الأعلون ، وحالكم أنكم أعلا منهم وأغلب لأنكم أصبتم منهم يوم بدر أكثر مما أصابوا منكم يوم أُحُد ، قوله تعالى : { وأنتم الأعلون } شأناً لأن قتالكم لله ولإعلاء كلمته وقتالهم للشيطان ولإعلاء كلمة الكفر ، وقيل : لأن قتلاكم في الجنة وقتلاهم في النار ، قوله تعالى : { ان يمسسكم قرح } قيل : هو الجراح والمعنى أن نالوا منكم يوم أُحد فقد نلتم منهم يوم بدر { وتلك الأيام نداولها بين الناس } تارةً لهؤلاء وتارة لهؤلاء { وليعلم الله الذين آمنوا } وليتميز الثابتون على الإِيمان من الذين آمنوا ، وهذا من باب التمثيل بمعنى : فعلنا ذلك فعل من يريد أن يعلم مَنْ الثابت منكم على الإِيمان من غير الثابت ، وإلا فالله عزّ وجل لم يزل عالماً بالأشياء ، وقيل : معناه وليعلمهم علماً يتعلق به الجزاء وهو أن يعلمهم موجوداً منهم الثبات { ويتخذ منكم شهداء } يعني وليكرم ناساً منكم بالشهادة يريد المستشهدين يوم أُحُد { والله لا يحب الظالمين } أي والله لا يحب من ليس من هؤلاء الثابتين على الإِيمان المجاهدين ، قوله تعالى : { وليمحص الله الذين آمنوا } التمحيص : التطهير ، وقيل : الإِختبار ، { ويمحق الكافرين } اي يهلكهم ، قوله تعالى : { ولقد كنتم تمنون الموت } خوطب به الذين لم يشهدوا بدراً ، فكانوا يتمنون أن يحضروا مشهداً مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، { فقد رأيتموه وأنتم تنظرون } أي رأيتموه معاينين مشاهدين حتى قتل بين أيديكم من قتل من إخوانكم وأقاربكم وشارفتم أن تقتلوا وهذا توبيخ لهم ، قوله تعالى : { وما محمد إلاَّ رسول قد خلت من قبله الرسل } الآية نزلت يوم أُحُد لما نودي أنَّ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قُتِل وصَرَخ صارخٌ ألا أن محمداً قد قُتل ، قيل : أن الصارخ الشيطان نعوذ بالله منه ففشا في الناس خبر قتله فانكفَّوا وجعل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يدعوا : " إليَّ عباد الله " حتى انحازت إليه طائفة من أصحابه ، فلامهم على هزيمتهم ، فقالوا : يا رسول الله فديناك بآبائنا وأمَّهاتنا أتانا خبر قتلك ، فرعبت قولبنا فولينا هاربين ، فنزلت الآية ، وقيل : أنه لما صرَخ الصارخ قال بعض المسلمين : ليت عبد الله بن أبي يأخذ لنا أماناً من أبي سفيان ، وقال ناس من المنافقين : لو كان نبيَّاً لما قُتِل ، ارجعوا إلى إخوانكم وإلى دينكم فقال أنس بن النضر عم أنس بن مالك يا قوم : إن كان قُتِل محمد فإن رب محمد حيٌّ لا يموت ، وما تصنعون بالحياة بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقاتلوا على ما قاتل عليه وموتوا على ما مات عليه ، ثم قال : اللهم إني أعتذر إليك مما يقول هؤلاء ثم شهر سيفه فقاتل حتى قُتِل رحمه الله تعالى ، قوله تعالى : { فلن يضرَّ الله شيئاً } يعني فما ضر إلا نفسه وسيجزي الله الشاكرين الذين لم ينقلبوا كأنس بن النضر واضرابه ، وسمَّاهم شاكرين لأنهم شكروا نعمة الإِسلام .