Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 21-27)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } أي قدوة حسنة ، والقدوة الحسنة أن يقتدوا به في الصبر على الجهاد والشكر على النعمة والثبات في الدين { لمن كان يرجو الله واليوم الآخر } أي يرجو ثوابه ويخاف عقابه { وذكر الله كثيراً } أي من عادتهم ذكر الله كثيراً { ولما رأى المؤمنون الأحزاب } مع كثرتهم واجتماع كلمتهم على حرب المسلمين لم يزدهم إلاَّ الثبات والتسليم والتوكل فقال سبحانه : { هذا ما وعدنا الله ورسوله } قيل : وعدهم عند لقاء المشركين الظفر بهم بظهور دينهم ، وقيل : وعدهم الله أن يزلزلوا حتى يستغيثوا ويستنصروه في قوله : { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم } [ البقرة : 214 ] فلما جاء الأحزاب { قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله } وأيقنوا بالجنة والنصر ، وعن ابن عباس ( رضي الله عنه ) قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لأصحابه : " ان الأحزاب سائرون إليكم في آخر تسع ليال أو عشر " فلما رأوهم قد أقبلوا للميعاد { قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا ايماناً } وتصديقاً { وتسليماً } للنفس وثباتاً في الحرب { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه } قيل : عاهدوهم ليلة العقبة ، وقيل : إذا لقوا العدوّ لا يولون الأدبار { فمنهم من قضى نحبه } قيل : قضى عهده ونذره ، يعني صبروا على الجهاد حتى قتلوا أو مات ما عاهد عليه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يعني حمزة ومصعباً { ومنهم من ينتظر } قيل : ينتظر ما أصاب إخوانهم من الشهادة وثوابها لصبرهم في القتال ولا ينتظروا القتل لأنه قبح { وما بدَّلوا } يعني في عهدهم ، أي استمروا على الوفاء ولم يغيروا { ليجزي الله الصادقين بصدقهم } عليه في استحقاق الثواب { ويعذب المنافقين إن شاء } إذا لم يتوبوا { أو يتوب عليهم } إذا تابوا { إن الله كان غفوراً } لمن تاب { رحيماً } بالمؤمنين ، ثم عاد إلى ذكر نعمته فقال سبحانه : { وردّ الله الذين كفروا } الأحزاب { بغيظهم } مغتاظين { لم ينالوا خيراً } غير ظافرين { وكفى الله المؤمنين القتال } بالريح والملائكة { وكان الله قوياً عزيزاً } { وأنزل الذين ظاهروهم } أي ظاهروا الأحزاب { من أهل الكتاب من صياصيهم } من حصونهم ، " وروي أن جبريل ( عليه السلام ) أتى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صبيحة الليلة التي انهزم فيها الأحزاب ورجع المسلمون إلى المدينة ووضعوا سلاحهم على فرسه الخيزوم والغبار على وجه الفرس والسرج فقال : " ما هذا يا جبريل ؟ " قال : من متابعة فرسي ، فجعل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يمسح الغبار عن وجه الفرس وعن سرجه ، فقال : يا رسول الله إن الملائكة لم تضع السلاح إن الله يأمرك بالسير إلى بني قريظة فأذن في الناس " ان من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلي العصر إلا في بني قريظة " فما صلى كثير من الناس العصر إلا بعد العشاء الآخرة لقوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فحاصرهم خمساً وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار ، فقال لهم : " تنزلون على حكمي " فأبوا ، فقال : " على حكم سعد بن عبادة ؟ " فرضوا به ، فقال سعد : حكمت فيكم أن يقتل مقاتلكم وتستبى ذراريهم ونسائهم ، فكبر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقال : " لقد حكمت فيه بحكم الله من فوق سبع أرفعة " ثم استنزلهم وخندق في سوق المدينة خندقاً وقذفهم فضرب أعناقهم من ثمان مائة إلى تسع مائة ، وقيل : كانوا ستمائة مقاتل وسبع مائة أسير ، وروي أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جعل عقارهم للمهاجرين دون الأنصار " { وقذف في قلوبهم الرعب } أي الخوف { فريقا تقتلون وتأسرون فريقاً } قتلوا المقاتلين وأسروا النساء والذراري { وأورثكم أرضهم } أي أعطاكم أرضهم { وديارهم وأموالهم وأرضاً لم تطأوها } أي أعطاكم ، وعن الحسن : أنها فارس والروم ، وعن قتادة : وكنا نحدث أنها مكة ، وعن مقاتل : هي خيبر ، وقيل : كل أرض تفتح إلى يوم القيامة .