Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 9-14)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً } ، قيل : سداً عن الحق ، عن قتادة ومجاهد أي على جهة الذم حكمنا على أنهم بغير حق وبينهم وبين الحق سدَّاً ، وقيل : أراد التشبيه أي كان بين أيديهم سداً يمنعهم من الايمان ، وقيل : بل هو على حقيقته في القيامة وهو عبارة عن ضيق المكان في النار لا يجدون متقدماً ولا متأخراً { فأغشيناهم فهم لا يبصرون } في النار ، وقيل : معناه أنهم وإن انصرفوا عن الإِيمان والقرآن لزمهم ذلك حتى لا يتخلصون عنه { وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون } أي لا ينفع الانذار بهم { إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمان بالغيب } ، قيل : في حال غيبتهم عن الناس ، وقيل : ما غاب عنه في أمر الآخرة { فبشِّره } يعني هؤلاء { بمغفرة } من الله { وأجر كريم } أي ثواب خالص { إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا } من الأعمال { وآثارهم } مالهم ، وقيل : أعمالهم التي صارت سنَّة بعد حسنا كان أو قبيحاً أو ما خلفوه من الأموال { وكل شيء أحصيناه في إمام مبين } أي كتاب مبين وهو اللوح المحفوظ { واضرب لهم مثلاً أصحاب القرية } يعني خبر القرية التي أهلكها الله تعالى بتكذيب الرسل ، والقرية انطاكية { إذ جاءها المرسلون } ، قيل : رسل عيسى ، وقيل : هم رسل الله بعثهم إلى القرية ، قال الحاكم : وهو الوجه ، والذي قال جار الله : أنهم رسل عيسى وقد ذكره أيضاً في الحاكم إلى أهلها بعثهم دعاة إلى الحق وكانوا عبدة أوثان أرسل { اليهم اثنين } ، فلما قربا من المدينة رأيا شيخا يرعى غنيمات له وهو حبيب النجار صاحب يس ، فسألهما فأخبراه ، فقال : معكما آية ؟ فقالا : نشفي المريض ونبرئ الأكمه والأبرص ، وكان له ولد مريض سنين فمسحا عليه فقام ، فآمن حبيب وفشا الخبر فشفي على أيديهما خلق كثير ، ورقى حديثهما إلى الملك فقال لهما الملك : ألكما إله سوى آلهتنا ؟ قالا : نعم من أوجدك وآلهتك ، فقال : حتى انظر في أمركما وتبعهما الناس فضربوهما ، وقتل حبيباً فبعث عيسى شمعون فدخل متنكراً وعاشر حاشية الملك حتى استأنسوا به ورفعوا خبره إلى الملك وأنس به ، وقال له ذات يوم : بلغني أنك حبست رجلين هل سمعت ما قالا ؟ قال : لا حال بيني وبينهما الغضب ، فدعاهما وقال شمعون : من أرسلكما ؟ قالا : الله الذي خلق كل شيء وليس له شريك ، فقال : صفاه وأوجزا ، فقالا : يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، فقال : وما آيتكما ؟ قالا : ما تمنى الملك ، فدعا بغلام مطموس العينين فدعوا الله حتى انشق له بصر وأخذا بندقتين فوضعاهما في حدقتيه فكانتا مقلتين يُبصِر بهما ، فقال له شمعون : أرأيت لو سألت إلهك حتى يصنع مثل هذا فيكون لك وله الشرف ؟ فقال : ليس لي عنك سرٌّ ان آلهتنا لا تبصر ولا تسمع ولا تضر ولا تنفع ، وكان شمعون يدخل معهم إلى الصنم فيصلي ويتضرع ويحسبونه منهم ، ثم قال : ان قدر إلهكما على إحياء ميّتاً آمنا به فدعوا بغلام مات من سبعة أيام فقام وقال : إني دخلت في سبعة أودية من النار وأنا أحذركم ما أنتم فيه فآمنوا ، وقال : فتحت أبواب السماء فرأيت شاباً حسن الوجه يشفع لهؤلاء الثلاثة ، قال الملك : فعرفتهم قال شمعون : وهذان ، فتعجب الملك ، فلما رأى شمعون أن كلامه قد أثر فيه نصحه وآمن وآمن قوم بإيمانه ، ومن لم يؤمن صاح بهم جبريل فهلكوا ، وقوله تعالى : { فعززنا } قوّينا { بثالث } وهو شمعون { فقالوا إنا إليكم مرسلون } يعني الرسل .