Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 65-88)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قل إنما أنا منذر وما من إله إلا الله الواحد القهار } على ما يشاء { رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفار } الذي لا يمتنع عليه شيء ، الغفار يستر ذنوب عباده { قل } يا محمد { هو نبأ عظيم } ، قيل : القرآن وصفه بالعظمة لما فيه من الزجر والأجر والأحكام والتوحيد والعدل والقصص والشرائع وجميع ما يحتاج إليه ، وقيل : هو يوم القيامة عن الحسن ، قال جار الله : هو نبأ عظيم أي هذا الذي أنبأتكم به من كوني رسولاَ منذراً وأن الله وحده لا شريك له نبأ عظيم لا يعرض عن مثله إلا غافل شديد الغفلة { ما كان لي من علم بالملأ الأعلى } هم الملائكة وآدم وإبليس { إذ يختصمون } في حديث آدم وقالوا : { أتجعل فيها من يفسد فيها } [ البقرة : 30 ] فما علمت ما كانوا فيه إلاَّ بوحي من الله تعالى ، وهذا محمول أنهم تناصروا أولاً فيما بينهم ثم دعوا الله فبين لهم ، وقيل : اختصامهم فيما طريقه الاجتهاد ، وقيل : بل على طريق المذاكرة لأن بعضهم أعلم من بعض ، وقد يجتمع أهل الحق للمناظرة مع اتفاقهم على كلمة واحدة وهم على كلمة الحق ، ولما تقدم ذكر مخاصمة الملأ الأعلى في حديث آدم بيَّن تعالى ذلك فقال سبحانه : { إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا } أي آدم { من طين } فإنما تصير تلك الأجزاء بشراً بما يخلق فيه من التأليف والحياة { فإذا سويته } أي خلقته وتم خلقي إياه { ونفخت فيه من روحي } أي أحييته وجعلت فيه الروح وهو النفس المترددة { فقعوا له ساجدين } وقد قدمنا ما قالوا فيه وأنه سجدة التحية لا سجدة العبادة { فسجد الملائكة كلهم أجمعون } { إلا ابليس استكبر وكان من الكافرين } لأنه مأمور معهم بالسجود ولم يكن منهم بل كان من الجن وخلق من النار والملائكة من الريح { قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي } قيل : خلقته من غير واسطة ، وقيل : بنعمتي نعمة الدين والدنيا ، أو نعمة الظاهرة والباطنة ، أو خلقته للدين والدنيا ليكون هو وذريته خلفاء الأرض { استكبرت أم كنت من العالين } { قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين } وفضل النار على الطين وذلك خطأ منه { قال فاخرج منها } ، قيل : من الجنة ، وقيل : من السماء ، وقيل : من الخلقة التي أنت فيها لأنه كان يفتخر بخلقه فغير الله خلقه فاسود بعدما كان أبيض وأقبح بعدما كان حسناً { فإنك رجيم } ، قيل : مطرود ، وقيل : مرجوم بالشهب { وإن عليك لعنتي } على لسان عبادي إذ أمرتهم بلعنك { إلى يوم الدين } يعني لا تنقطع الى يوم القيامة { قال رب فانظرني } أي امهلني وأخرني { إلى يوم يبعثون } يوم القيامة يبعث فيه الخلق { قال فإنك من المنظرين } { إلى يوم الوقت المعلوم } والذي أضيف إليه اليوم وهو الذي يقع فيه النفخة الأولى ، ومعنى المعلوم أنه معلوم عند الله معيّن لا يستقدم ولا يستأخر ، وقد قدمنا ما قالوا فيه في سورة الأعراف { قال فبعزتك } أقسم بالله { لأغوينهم } يعني بني آدم كلهم { أجمعين } تأكيد { إلا عبادك منهم المخلصين } وإنما استثناهم لعلمه بأنهم لا يقبلون فأيس منهم { قال } سبحانه { فالحق والحق أقول } والمراد بالحق أنا اسمه في قوله تعالى : { إن الله هو الحق المبين } [ النور : 25 ] والحق الذي هو يقبض الباطل ، وقيل : لما أقسم على اغوائهم أقسم الله تعالى أنه يدخله ومن معه النار فقال سبحانه : { فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين } من بني آدم { قل } يا محمد { ما أسألكم } أيها الناس على تبليغ الوحي والرسالة { من أجر } أي لا طمع لي فيكم { وما أنا من المتكلفين } المقولين القرآن من قبل نفسي ، وقيل : لا أتكلف أمراً لم يأمرني به الله ، قال جار الله : المتكلفين الذين يتصنعون ويتحلون بما ليسوا من أهله وما عرفتموني قط متصنعاً ولا مدّعياً ما ليس عندي ، وعن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " للمتكلف ثلاث علامات : ينازع من فوقه ، ويتعاطى ما لا ينال ، ويقول ما لا يعلم " { ولتعلمن نبأه بعد حين } أي ما يأتيكم عند الموت ، أو يوم القيامة ، أو عند ظهور الاسلام { ولتعلمن } صحة خبره ووعده ووعيده { بعد حين } بعد مدة ودهر .