Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 171-175)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم } الآية نزلت في النصارى واليهود وذلك ان اليهود غلت في حظ المسيح عن منزلته حيث جعلته مولوداً لغير رشده وغلت النصارى في رفعته حيث جعلوه إلهاً { وكلمته ألقاها إلى مريم } أوصلها { وروح منه } سمي روح لأنه أوجده بكلمة الله من غير أب { ولا تقولوا ثلاثة } قال جار الله : فإن صحَّت الرواية عنهم أنهم يقولون هو جوهر واحدٌ ثلاثة أقانيم أقنوم الأب وأقنوم الإِبن وأقنوم روح القدس ، وأنهم يريدون بأقنوم الأب الذات ، وبأقنوم الابن العلم ، وبأقنوم روح القدس الحياة ، فتقديره الله ثلاثة وإلا تقديره الآلهة ثلاثة والذي يدل عليه القرآن الصريح منهم بأن الله والمسيح ومريم ثلاثة آلهة وأن المسيح ولد الله ابن مريم ألا ترى إلى قوله : { أأنت قلت للناس اتخذوني وأمِّي إلهين من دون الله } [ المائدة : 116 ] { وقالت النصارى المسيح ابن الله } وقوله : { سبحانه أن يكون له ولد } حكاية الله أوثق من حكاية غيره { له ما في السموات وما في الأرض } بيان لتنزيه مما نسب إليه يعني أن كل ما فيه خلقه وملكه { وكفى بالله وكيلاً } بأمور خلقه فهو الغني عنهم وهم الفقراء إليه { لن يستنكف المسيح } لن يأنف ولن يذهب { أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقربون } ولا من هو أعلى منه قدراً وأعظم منه خطراً وهم الملائكة الذين حول العرش كجبريل وميكائيل وإسرافيل ومن في طبقتهم " وروي أن وفد نجران قالوا للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لم تعيب صاحبنا ؟ قال : " ومن صاحبكم ؟ " قالوا : عيسى ، قال : " وأي شيء أقول ؟ " قالوا : تقول هو عبد الله ورسوله ؟ قال : " إنه ليس بعار أن يكون عبد الله " قالوا : بلى " ، فنزلت الآية أي لا يستنكف عيسى من ذلك فلا تستنكفوا له ولا الملائكة المقربون أن يكونوا عباد الله رد على مشركي العرب قولهم : أن الملائكة بنات الله وعلى من قال أنهم آلهة { ومن يستنكف عن عبادته } أي يأنف عن الإقرار بالعبودية { ويستكبر } عن الطاعة { فسيحشرهم إليه } أي يبعثهم ويجمعهم إليه ، أي إلى حكمه يوم القيامة { فأما الذين آمنوا } بالله ورسوله { وعملوا الصالحات } أي الطاعات { فيوفيهم } أي يعطيهم تاماً وافياً { أجورهم } جزاء أعمالهم { ويزيدهم من فضله } زيادة نعيم على ما استحقوه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت { وأما الذين استنكفوا } عن الإِقرار بالعبودية { واستكبروا } عن العبادة والخضوع { فيعذبهم عذاباً أليماً } وجيعاً { ولا يجدون لهم من دون الله } أي سواه ينجيهم من عذابه { ولياً } أي من يلي أمرهم في الدفع عنه { ولا نصيراً } { يأيها الناس } خطاب لجميع المكلفين { قد جاءكم برهان من ربكم } قيل : البرهان والنور المبين القرآن ، وقيل : البرهان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والنور القرآن { وفضل } من ثواب مستحق { ويهديهم إليه } في عبادته { صراطاً مستقيماً } وهو طريق الاسلام والمعنى يوفقهم ويثبتهم .