Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 44, Ayat: 37-59)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أهم خير } يعني مشركو مكة خير أعز وأمنع وأكثر مالاً وعدداً { أم قوم تُبّع } الحميري كان مؤمناً وقومه كافرون ، ولذلك ذم الله قومه ولم يذمه ، وهو الذي سار بالجيوش أو خير الخيرة وبنى سمرقند ، وقيل : هدمها ، وعن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " لا تسبوا تبعاً فإنه كان قد أسلم " وعنه : " ما أدري كان تبعاً نبياً أو غير نبي " ، وهو الذي كسى البيت ، وقيل : لملوك اليمن التبابعة لأنهم يتبعون ، وإنما ذكر تبعاً لأنهم عرفوا أخباره لانتشاره وقرب زمانه ومكانه منهم ، وكان في مكة والمدينة والطائف ، وأجرى أنهاراً ، وأبر ناراً ، وفتح بلاداً { والذين من قبلهم } من الأمم الماضية { أهلكناهم } لما كفروا { إنهم كانوا } قوماً { مجرمين } مذنبين { وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين } غائبين ، يعني لم يكن الجزاء مع التخلية في الدنيا لكان ذلك عبثاً { ما خلقناهما إلاَّ بالحق } قيل : إلا بغرض صحيح وهو أن يُطيعوه فيستحقوا الثواب ، وقيل : إلا لداعي الحكمة { ولكن أكثرهم لا يعلمون } أن الغرض الذي لأجله خلقنا الانسان { إن يوم الفصل } يوم القيامة وفيه يفصل بين الخلق أمورهم { ميقاتهم أجمعين } يعني وقتهم الذي أمهلهم إليه { يوم لا يغني مولى عن مولىً شيئاً } أي لا يدفع صديق عن صديق ، ولا ابن عم عن ابن عم ، ولا ولي عن وليه من العذاب الذي نزل به { ولا هم ينصرون } أي ولا ينصرهم أحد { إلا من رحم الله } من المؤمنين ، أي أنعم عليهم فإنه يشفع ، وقيل : لا يشفع أحدٌ إلا من رحم الله وأذن له بالشفاعة { إنه هو العزيز } القادر الذي لا يمتنع عليه شيء { الرحيم } بعباده ، قيل : نزل قوله : { إن شجرة الزقوم } { طعام الأثيم } في أبي جهل وكان يقول : ما بين لابتيها أعز وأكرم مني ، فيقال له يوم القيامة توبيخاً : ذق إنك أنت العزيز الكريم كما زعمت ، وروي أن أبا جهل دعا بتمر وزبد وقال : زقموا فإن هذا الذي يخوفكم به محمد { إن شجرة الزقوم } { طعام الأثيم } وهو الفاجر ، وهي شجرة تأخذهم بحلوقهم وتحرق أجوافهم { كالمهل } وهو ما أذيب بالنار { يغلي في البطون } { كغلي الحميم } الماء الحار { خذوه } ، يقال : { خذوه فاعتلوه } بشره وعنف وجروه إلى { الجحيم } ، وقيل : ادفعوه { إلى سواء الجحيم } أي وسط النار { ثم صبّوا فوق رأسه من عذاب الحميم } الماء الحار يقال له حميم { ذق إنك أنت العزيز الكريم } الذي دعيت بالعزة والكرم ، وقيل : العزيز في قومك الكريم فيهم ، وقيل : هو على النقيض كأنه قال : أنت الذليل المهين ، إلا أنه قيل : ذلك على وجه الاستخفاف به { إن هذا ما كنتم به تمترون } أي يقال لهم : إن هذا ما كنتم به تشكون ، ثم عطف الوعيد بذكر ما أعدّ للمتقين فقال سبحانه وتعالى : { إن المتقين } الذي اتقوا معاصي الله { في مقام } في موضع إقامة { أمين } قيل : أمنوا العذاب وأمنوا زوال النعمة { في جناتٍ } بساتين فيها أشجار { وعيون } أنهار جارية { يلبسون من سندس واستبرق } نوعان من الحرير ، وقيل : السندس الحرير والاستبرق الديباج الغليظ { متقابلين } أي يقابل بعضهم بعضاً { كذلك } قيل : كذلك فعلنا بهم ، وقيل : كذلك على تلك الحالة { وزوجناهم بحور عينٍ } وهي النساء النقيات البياض ، وقيل : الحور البيض والعين واسعة العين ، وقيل : يحتار فيهن الطرف لبياضهن { يدعون فيها بكل فاكهة } اسهرا لها { آمنين } من نفادها ، وقيل : آمنين من الموت { لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى } إلا بمعنى سوى ، وقيل : بمعنى لكن الموتة الأولى وإنما استثنى لأنهم به أخبر بذلك في الدنيا فيصح الاستثناء فيه عن القاضي { ووقاهم عذاب الجحيم } { فضلاً من ربك ذلك هو الفوز العظيم } الظفر العظيم ، ومتى قيل : إذا كان مستحقاً فكيف يكون فضلاً ؟ قالوا : سبب الاستحقاق هو التكليف والتمكين وهو تفضل منه ، وقيل : لأنه خلق وأنعم فاستحق أن يعبد ويشكر وإذا جازى على الفعل كان فضلاً ، وقيل : لأنه أعطى المستحق وزاد ، أعطى على القليل كثيراً { فإنما يسّرناه بلسانك } أي مهلناه ، وقيل : جعلناه بالعربية ليسهل عليك { لعلَّهم يتذكرون } ما فيه من الأمر والنهي والوعد والوعيد { فارتقب إنهم مرتقبون } أي ارتقب للمجازاة وإنهم مرتقبون ، وقيل : انتظر بهم عذاب الله فإنهم ينتظرون بك الدوائر .