Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 49, Ayat: 9-12)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما } اختلفوا في سبب نزولها فعن ابن عباس ( رضي الله عنه ) : وقف رسول الله على مجلس بعض الأنصار وهو على حمار فبال الحمار ، فأمسك عبد الله بن أبي بأنفه وقال : خل سبيل حمارك فقد أذانا نتنه ، فقال عبد الله بن رواحة : والله ان بول حماره لأطيب من مسكك ، وروي : حماره أفضل منك وبول حماره أطيب من مسكك ، وطال الخوض بينهما حتى استبَّا فتجالدوا وجاء قوماهما وهم الأوس والخزرج فتجالدوا بالعصي ، وقيل : بالأيدي والنِعَال ، فرجع اليهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فأصلح بينهم ونزلت ، وعن مقاتل : قرأها عليهم فاصطلحوا { فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء } البغي الاستطالة والظلم ، وأتى الصلح ، والفيء الرجوع وقد سمي به الظل والغنيمة لأن الظل يرجع بعد نسخ الشمس والغنيمة ما ترجع من أموال الكفار إلى المسلمين ، وقيل : نزلت في رجلين من الأنصار جرت بينهما منازعة ، وقيل : نزلت في حرب الأوس والخزرج في الجاهلية فلما جاء الاسلام أنزل الله هذه الآية وأمر نبيه فأصلح بينهم { فإن فاءت } رجعت { فأصلحوا بينهما بالعدل } بالقسط حتى يكونوا سواء { واقسطوا ان الله يحب المقسّطين } العادلين { إنما المؤمنون إخوة } قيل : سماهم مؤمنين وإخوة قبل القتال ، وقيل : بذلك بعد الصلح والرجوع { فأصلحوا بين أخويكم } قيل : يحملوهم على حكم الشرع { واتقوا الله } في الفرقة { لعلكم ترحمون } { يأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم } الآية ، قيل : نزلت في قوم من بني تميم استهزؤا ببلال وخباب وعمار وصهيب وأبي ذر ، وروي أنها نزلت في ثابت بن قيس وكان به وقرٌ ، وكانوا يوسعون له في مجلس رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليسمع فأتى يوماً وهو يقول : تفسحوا حتى أتى إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال لرجل : تنح ، فلم يفعل فقال : من هذا ؟ فقال : أنا فلان ، فقال : أنت ابن فلانة يريد أمّاً كان يعير بها في الجاهلية فخجل الرجل فنزلت فقال ثابت : لا أفخر في الحسب على أحد بعدها ، وعن عبد الله بن مسعود : البلاء موكل بالقول لو سخرت من كلب لخشيت أن أحول كلباً ، يعني لا يسخر أحد من أحد ، ورجال من رجال ، والسخرية أن يستخف به ويضحك عليه حتى يغمّه ، عسى أن يكونوا خيراً منهم عند الله ، وإن كان الساخر ذا مال وجاه { ولا نساء من نساء عسى أن يكنَّ خيراً منهنَّ } نزلت في صفية بنت حيي ، عن ابن عباس : " أن صفيَّة أتت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقالت : إن النساء يعيرنني ويقلن يا يهوديَّة بنت يهوديين ، فقال لها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " هلاَّ قلت إن أبي هارون وعمي موسى وان زوجي محمد " ، وقيل : نزلت في حفصة وعائشة سخرا بأم سلمة وذلك أنها ربطت شعرها بشيء فأسدلته خلفها فقالت عائشة : انظري ما تجر خلفها كأنه لسان كلب ، وقيل : أن عائشة كانت تسخر من زينب بنت خزيمة الهلاليَّة وكانت قصيرة { ولا تنابزوا بالألقاب } نزلت في الأنصار كانوا يتنابزون بالألقاب فنزلت الآية ، وقيل : نزلت في قوم كان لهم اسماً في الجاهلية فلما أسلموا نهوا أن يدعوا بها بعضهم بعضاً ، واللَّمز الطعن والضرب باللسان ، وقرئ تلمزوا بالضم ، والمعنى وخصّوا أيها المؤمنون أنفسكم بالانتهاء عن غيبتها والطعن فيها ولا عليكم أن تعيبوا غيركم ممن لا يدين بدينكم ولا يسير بسيرتكم ، وفي الحديث عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " اذكروا الفاجر بما فيه كي يحذره الناس " يعني لا يغتب بعضكم بعضاً ولا يطعن عليه بالألقاب قيل : هو كل اسم أو صفة يكره الرجل أن يدعا به ، وقيل : هو قول الرجل للرجل : يا فاسق ، يا منافق ، وقيل : كان اليهود والنصارى تسلم فيقال له بعد ذلك : يا يهودي ، يا نصراني ، فنهوا عن ذلك وقيل لهم : بئس الذكر أن يذكر الرجل الرجل بالفسق واليهوديَّة بعد إيمانه ، وقيل : أن يعمل إنسان شيئاً قبل التوبة فيعير بما سلف { بئس الإِسم الفسوق بعد الإِيمان } بئس الاسم فلا تفعلوا ذلك فتستحقوا اسم الفسوق ، وقيل : بئس الاسم الذي سميته بقولك : يا فاسق بعد أن علمت أنه مؤمن { ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون } لأنفسهم ، وقيل : ظالم لأخيه بما قال فيه والله أعلم { يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن } وهو الظن القبيح ممن ظاهره الستر ، وعن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن الله حرم من المؤمن المسلم دمّه وعرضه أن يظن به ظن السوء { ولا تجسسوا } قيل : لا تتبعوا عورات المسلمين عن ابن عباس ، يعني خذوا ما ظهر ودعوا ما ستر ولا تتبعوا عوراتهم لتقعوا على ما تكرهوا { ولا يغتب بعضكم بعضاً } قيل : أن تذكر أخاك بما يكره فإن كان فيه فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهّته ، ثم أكد التحريم فقال : { أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه } شبَّه الغيبة به فلا شيء أعظم منه ، قال قتادة : يقول : كما أنت تكره لحم الجيفة كذلك فاكره لحم أخيك وكذلك لم يقتصر على لحم الأخ حتى جعل ميتاً { واتقوا الله إن الله توَّاب رحيم } يعني اتقوه في جميع ما نهاكم عنه .