Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 103-105)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ما جعل الله من بحيرة } قال جار الله : كان أهل الجاهلية إذا نتجت الناقة خمسة أبطن آخرها ذكر بحروا أذنها أي شقوها وحرّموها ، لا تركب ولا يحمل عليها شيء ولا تطرد عن ماء ولا مرعى ، واسمها البحيرة ، وقوله : { ولا سائبة } قال : وكان الرجل يقول : إذا قمت من سفري أو شفيت من مرضي فناقتي سائبة وجعلها كالبحيرة في تحريم الانتفاع بها ، وقيل : كان الرجل إذا اعتق عبداً قال : هو سائبة فلا عقل بينهما ولا ميراث ، وإذا ولدت الشاة أنثى فهي لهم ، وإذا ولدت ذكر فهو لآلهتهم ، وإن ولدت ذكر وأنثى قالوا وصلت : أخاها ، ولم يذبحوا الذكر لآلهتهم ، وإذا نتجت من صلب الفحل عشرة أبطن قالوا : قد حمى ظهره فلا يركب ولا يحمل عليه ولا يمنع عن ماء ولا مرعى ، وهو الحام عندهم ، ومعنى : { ما جعل الله } ما شرع ذلك ولا أمر بالتبحير والتسييب وغير ذلك ، قوله تعالى : { ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون } فلا ينسبون التحريم الى الله تعالى ولكنهم يقلدون في تحريمها كبارهم ، قال جار الله والواو في قوله : { أو لو كان آباؤهم } واو الحال فدخلت عليها همزة الانكار والمعنى ان الاقتداء إنما يصلح بالعالم للمهتدي ، قوله تعالى : { يأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم } يعني التزموا صلاح أنفسكم بما ينجِّيها من عذاب الله تأمنوا من العذاب ، وتستحقوا جزيل الثواب ، وقوله : { عليكم أنفسكم } يقول : أصلحوها بطاعة الله تعالى { لا يضركم من ضل إذا اهتديتم } يريد الله سبحانه أنه لا يضركم ضلال المضلين ، ولا تحاسبون بفعل المبطلين ، وروي أن اليهود قالوا للمسلمين : كيف تطمعون في النجاة وآباؤكم مشركون ولستم بناجين من فعلهم ؟ فنزلت هذه الآية ، وقال أيضاً : { ولا تزر وازرة وزر أخرى } [ الأنعام : 164 ] أخبر الله تعالى أنه لا يعذب أحداً بذنب أحد والداً كان أو ولداً ، قال جار الله : كان المؤمنون تذهب أنفسهم حسرة على أهل العتو والعناد من الكفرة ويتمنون دخولهم في الاسلام فقيل لهم : عليكم أنفسكم ، وليس المراد به ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعن ابن مسعود أنها قرئت عنده هذه الآية فقال : ليس هذا بزمانها إنها اليوم مقبولة ولكن يوشك أن يأتي زمان تأمرون فلا تقبل منكم ، فحينئذٍ عليكم أنفسكم ، فعلى هذا هي تسلية لمن يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر ، فلا تقبل ، وعنه ليس هذا بزمانها ، قيل : فمتى هو ؟ قال : إذا جعل دونها السوط والسيف والحبس .