Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 106-109)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يأيها الذين آمنوا شهادة بينكم } أمر بالاشهاد { إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية } الآية نزلت في ثلاثة نفر من التجار خرجوا من المدينة إلى الشام وهم : تميم بن أوس الداري ، وعدي بن زيد وكانا نصرانيين ، ومعهما بديل بن أبا مرية الرومي وكان مسلماً مولى لبني سهم ، فلما قدموا الشام مرض بديل وكتب صحيفة فيها جميع ما معه وطرح الصحيفة بين متاعه ، فلما اشتد وجعه أوصى إلى تميم وعدي الذميين وأمرهما أن يدفعا متاعه إلى أهله ، ومات بديل ، فنقضا تركته وأخذا منها إناء من فضة منقوشاً بالذهب وزنه ثلاثمائة مثقال ، فلما رجعا المدينة ودفعا المتاع إلى أهل البيت ، ثم أنهم فتشوا المتاع وأصابوا الصحيفة فيها تسمية ما كان معه وفقدوا الإِناء وأتوهما بنو سهم فقالوا : هل باع صاحبنا شيئاً من متاعه ؟ أو هل طال مرضه فأنفق على نفسه من ماله ؟ فقالوا : لا ، فقالوا : إنّ وجدنا صحيفة فيها جميع متاعه وفيها إناء قيمته ثلاثمائة مثقال ولم يدفع إلينا ، فقالا : لا ندري وما لنا من علم ، فرفعوهما إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فنزلت الآية فصلى رسول الله العصر واستحلفهما أنهما ما خانا شيئاً ، قوله تعالى : { إن أنتم ضربتم في الأرض } يعني إن وقع الموت في السفر ولم يكن معكم أحد من عشيرتكم فاستهشدوا أجنبيين على الوصية ، وقيل : منكم من المسلمين أو من غيركم من أهل الذمة ، وقيل : هو منسوخ ولا يجوز شهادة الذمي على المسلم وإنما جاز في أول الاسلام لقلة المسلمين ، قوله : { تحبسونهما } أي تنفقونهما وتصرفونهما للحلف { من بعد الصلاة } يعني صلاة العصر لأنه وقت اجتماع الناس { إن ارتبتم } في شأنهما واتهمتموهما فحلفوهما ، وقيل : إن أريد بهما الشاهدان فقد نسخ تحليف الشاهدين ، وإن أريد الوصيان فليس منسوخاً تحليفهما ، وعن علي ( عليه السلام ) : " أنه كان يحلف الشاهد إذا اتهم " { ولو كان ذا قربى } يعني ولو كان قريباً من قوله تعالى : { ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين } [ النساء : 135 ] { ولا نكتم شهادة الله } أي الشهادة التي أمر الله بحفظها وتعظيمها { فإن عثر } اطلع { على أنهما استحقا إثماً } أي فعلا ما يوجب الاثم وذلك أنهما أظهرا الاناء ، فبلغ ذلك بني سهم فأتوهما فقالوا لهما : ألم تزعما أن صاحبنا لم يبع شيئاً من متاعه ؟ قالا : بلى ، قالوا : فما بال هذا الإِناء معكم ؟ فقالوا : إنا ابتعناه منه ولم يكن معنا بينة فكرهنا أن نقرّ به فتأخذوه منا ، فرفعوا أمرهما إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فنزلت { فإن عثر على أنهما استحقا إثماً فآخران } شاهدان آخران { يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان } أي من الذين استحق عليهم الإِثم ومعناه من الذين جنى عليهم الاثم وهم أهل الميت وعشيرته ، قال جار الله : في قصة بديل أنه لما ظهر خيانة الرجلين حلف رجلان من ورثته أنه إلى صاحبهما وأن شهادتهما أحق من شهادة الأوليين ، وقيل : أن ورثة بديل قد ادعوا على النصرانيين أنهما اختانا فحلفا فلما ظهر كذبهما ادَّعيا الشراء فيما كتماه فأنكر الورثة فكان اليمين على الورثة لإنكارهم الشراء وقد قيل : أن الآية منسوخة ، قوله : { ذلك } الذي تقدم من بيان الحكم { أدنى أن يأتوا } الشهداء على تلك الحادثة { بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد ايمان بعد ايمانهم } قال جار الله : إن تكرر ايمان شهود آخرين بعد ايمانهم فيفتضحوا بظهور كذبهم كما جرى في قصة بديل { واسمعوا } سمع إجابة وقبول ، قوله تعالى : { يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم } ، قال جار الله : فإن قلت : ما معنى سؤالهم ؟ قلتُ : توبيخ قومهم كما كان سؤال المودة توبيخ للموائد ، فإن قلتَ : كيف يقولون لا علم لنا وقد علموا ، ثم أجيبوا ؟ قلتُ : يعلمون أن الغرض بالسؤال توبيخ لأعدائهم فيكون الأمر إلى علمه ، وقيل : { لا علم لنا } بما كان منهم بعدنا وإنما الحكم للخاتمة ، وقيل : معناه علمنا ساقط مع علمك لأنك { علاَّم الغيوب } ومن علم الخفيات لم تخف عنها الظواهر التي منها إجابة الأمم للرسل وكيف يخفي عليه أمرهم وقد رأوهم سود الوجوه زرق العيون ، قال جار الله : والمعنى به توبيخ الكافرين يومئذ بسؤال الرسل عن إجابتهم .